لعن السنة واليوم والساعة
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول صلى الله عليه :
قال الله عز وجل [يؤذيني لبن آدم يسب الدهر و أنا الدهر بيدي الأمر
أقلب الليل والنهار ]
ما هو السب ؟
ج : هو الشتم أو التقبيح والذم
ما هو الدهر ؟
ج: هو الوقت والزمان
يؤذيني : أى ينسب إلى ما لا يليق بي
روى مسلم في صحيحه قال صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل [يؤذيني ابن آدم
يقول : يا خيبة الدهر فلا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب
الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما ]
وقي رواية للإمام احمد في مسنده [ لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل قال :
أنا الدهر الأيام والليالي لي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك ] صححه
الألباني
الله عز وجل أقسم بالوقت والزمان لعظمته وأهميته فهو ظرف العمل ووعاؤه هو
سبب الربح والخسارة في الدنيا والأخرة فما الحياة إلا هذه الساعات والدقائق
والثوانى التي نعيشها
فقال تعالى { والفجر وليال عشر } وقال تعالى { والضحى والليل إذا سجى }
وقال تعالى { والعصر إن الإنسان لقي خسر * إلا الذين ءامنوا وععملوا
الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر }
والعصر : قال ابن عباس رضي الله عنهما أى والدهر أقسم الله عز وجل به لأن فيه عبرة للناظر
كان أهل الجاهلية إذا أصابتهم مصيبة أو حرموا غرضا معينا أخذوا يسبون الدهر
ويلعنون الزمان فيقول أحدهم: قبح الله الدهر الذي شتت شملنا ولعن الله
الزمان الذي جرى فيه كذا وكذا وما شابه ذلك
حين يسب ابن آدم الدهر والزمان فإنما سيب في الحقيقة الذي فعل هذه الأمور
وقدرها حتى وإن أضاف الفعل إلى الدهر فإن الدهر لا فعل له وإنما الفاعل هو
رب الدهر المعطى المانع الخافض الرافع المعز المذل
وأما الدهر فليس له من الأمر شيئ فمسبتهم للدهر هي مسبة لله عز وجل ولهذا كانت مؤذية للرب جل جلاله
ومثل من يفعل ذلك : كرجل قضى عليه قاض أو أفتاه مفت بحق فجعل يقول : لعن الله من قضى بهذا أو لعن الله من أفتى بهذا ....الى غير ذلك
ويكون ذلك من قضاء النبي صلى الله عليه وسلم وفتياه فيقع السب في الحقيقة
على النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان الساب يقصد القاضي أو المفتي مع أن
القاضي أو المفتي ماهو إلا ناقل للحكم
الإنسان الذي يسب الدهر يرتكب جملة من المفاسد :
1 - أنه سب من ليس أهلا للسب فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله منقاد للأمر
مذلل لتسخبرة فسابُه أولى بالذم والسب منه قال تعالى { وءاية لهم الليل
نسلخ منه النهار فإذاهم مظلمون *والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز
العليم* والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم * لا الشمس ينبغى لها
أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون } 37: 40 يس
2 - سب الدهر قد يتضمن الإشراك بالله إذا إعتقد أن الدهر يضر وينفع وأنه
ظالم ضر من لا يستحق الضرر ورفع من لا يستحق الرفعة وحرم من ليس أهلا
للحرمان وكثيرا ما جرى هذا المعنى في كلام الشعراء القدماء والمعاصرين مثل
يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدا وأنت والد سوء تأكل الولد
ومثل إن تبتلى بلئام الناس يرفعهم عليك دهر لأهل الفضل قد خانا
وحتى تخرج من دائرة الشرك لا تسب الدهر
إن الله عز وجل خلق الدهر للذكر و العبادة والشكر
فقال تعالى { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا }62الفرقان
ليتدارك الإنسان ما فاته من الليل إذا غلبه النوم أو التعب فيقضهن يالنهار
وما فاته بالنهار من شغل شاغل فيقض ما فاته من الورد بالليل وهكذا
روى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أطال في صلاة الضحى يوما فقيل له صنعت
شيئا لم تكن تصنعه فقال إنه بقي على من وردى شيئا فأحببت أن أقضيه وتلا
قوله تعالى { وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو اراد
شكورا }
وقوله تعالى { وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا }
سباتا : اى راحة , لباسا : أى سانرا , نشورا : أى معاشا لطلب المعاش
فلا نشغل أنفسنا بسب الدهر ونعيب على الدهر ونحن المقصرون المخطئون
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
قد نهجوا الزمان بغير جرم ولو نطق الزمان بنا هجانا
الأذى والضرر
قد ذكى الحديث أن في سب الدهر أذى لله عز وجل فهل يتضرر الله عز وجل من ذلك ؟
أن في سب الدهر أذية لله عز وجل ولا يلزم من الأذية الضررفقد يتأذى الإنسان
بسماع القبيح او مشاهدته أو عندما يشم رائحة كريهة ولكن لا يلحقه ضرر ولله
المثل الأعلى
ولهذا أثبت الله الأذية في القرآن فقال تعالى {إن الذين يؤذون الله ورسوله
لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا } 57 الأحزاب
ونفى عن نفسه أن يضره شيئ فقال تعالى {إنهم لن يضروا الله شيئا }176 آل عمران
وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم في صحيحه[يا عبادى إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ]
فعود لسانك على الكلمة الطيبة لتنال الحسنات خير لك من حصد السيئات
قال تعالى { الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت
وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس
لعلهم يتذكرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من
قرار* يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء }24 : 27 إبراهيم
والله ولى التوفيق