ابتسم فأنتـ في بيتكـ
يسعدنا انضمامكـ الينا
منتديات سراج نور ترحب بكـ
ابتسم فأنتـ في بيتكـ
يسعدنا انضمامكـ الينا
منتديات سراج نور ترحب بكـ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم    هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالجمعة ديسمبر 31, 2010 11:02 pm

[center]

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  2144811233811245

* بطل قصتنا هذه رجلٌ من الصحابة يدعى عبد الله بن حذافة السهميَّ.

- لقد كان في وسع التاريخ أن يمُرَّ بهذا الرجل كما مرَّ بملايين العرب من قبله دون أن يأبه لهم أو يخطروا له على بال.

لكنَّ الإسلام العظيم أتاح لعبد الله بن حذافة السهمي أن يلقى سيِّدَي الدنيا في زمانه: كِسرى ملك الفرس ، وقيصر عظيم الروم، وأن تكون له مع كل منهما قصة ماتازال تعيها ذاكرة الدهر ويرويها لسان التاريخ.

* * *

- أما قصته مع كسرى ملك الفرس فكانت في السنة السادسة للهجرة حين عزم النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أن يبعث طائفةً من أصحابه بكتُبٍ إلى ملوك الأعاجِم يدعوهم فيها إلى الإسلام.

ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقدر خطورة هذه المهمَّة ...

فهؤلاء الرُسُل سيذهبون إلى بلادٍ نائيةٍ لا عهد لهم بها من قبلُ ...

وهم يجهلون لغات تلك البلاد ولا يعرفون شيئا عن أمزجة ملوكها ...

ثُمّ إنّهُم سيدعُون هؤلاءِ الملوك إلى تركِ أديانِهم ، ومُفارَقةِ عِزِّهِم وسُلطانهم ، والدخول في دين قوم كانوا إلى الأمس القريب من بعض أتباعهم ...

إنها رحلةٌ خطِرَة ، الذاهِبُ فيهَا مفقود واللعائِد منها مولودٌ.

- لِذا جمَع الرسولُ عليه الصلاة والسلام أصْحابـهُ ، وقام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، وتشهد ، ثم قال: ( أمّا بعد ، فإني أريدُ أَنْ أَبْعَثَ بعْضَكُم إلى ملوكِ الأعاجِم ، فلا تختَلِفوا عليّ كما اخْتَلف بنو اسرائيلَ على عيسى بن مريَمَ ).

فقال أصحاب رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم: نحن يارسول الله نؤدي عنْك ماتُريد فابعَثنا حيثُ شِئتَ.

* * *

- انتدب رسول الله عليه الصلاة والسلام ستةٌ من الصحَابةِ ليحْمِلُوا كُتُبَهُ إلى مُلوكِ العَرب والعَجَمِ ، وكان أحد هؤلاء الستَّة عبد الله بن حُذافة السَّهميُّ ، فقد اختير لحَمْلِ رسالة النبِّي صلوات الله عليه إلى كِسرى ملِك الفُرس.

* * *

- جهّز عبد الله بن حُذافة راحِلتَه ، وودّعَ صاحِبَتَهُ وولدَهُ ، ومضى إلى غايتِه تَرْفَعَهُ النَّجـادُ ، وتحطُّه الوِهادُ ( النجاد: الأماكن العالية ، الوهاد: الأماكن المنخفضة ) ؛ وحيداً فريداً ليس معَهُ إلا الله ، حتى بلغ دِيارَ فارِس ، فاسْتأذَنَ بالدُخولِ إلى ملِكِها ، وأخطَرَ الحاشيةَ ( الحاشية: أعوان الملك ) بالرِسالة التي يحمِلُها له.

عند ذلِكَ أمرَ كِسْرى بإيوائه فُزُيِّن ، ودعا عظماء فارسَ لحضورِ مجلسِه فَحَضروا ، ثم أذن لعبد الله بن حُذافة بالدُخول عليه.

دخل عبد الله بن حُذافة على ملِكِ فارس مُشتَمِلاً شَمْلَتَهُ الرَّقيقَةَ ، مرتديا عبائته الصَّفِـيقَة ، عليهِ بسـاطَةُ الأعْرابِ.

لكنّه كان عالي الهمة مشدود القامة ، تتأجج بين جوانحه عِزّة الإسلام ، وتتوقّدُ في فؤادِه كِبرياءُ الإيمَان.

- فما إن رآه كسرى مقبلاً حتى أَومـا إلى أحَدِ رجاله بأن يأخُذ الكِتَاب من يَدِهِ ، فقال: لا ، إنّما أمَرني رسَُول الله أن أدْفَعَه لكَ يداً بيدٍ وأنا لا أخالِف أمراً لرسول الله.

- فقال كسرى لرجاله: اتركوه يدْنو مني ، فدنا من كسرة حتّى ناولَهُ الكِتاب بيدِه.

ثُمّ دعا كسرَى كاتِباً عربياً مِن أهلِ الحيرة ِ ، وأمره أن يفُضَّ الكِتاب بين يديه ، وأن يَقْرأَ عليهِ فإذا فيهِ: ( بِسم الله الرّحمن الرَّحيم ، من محمدٍ رسول الله إلى كِسرى عظيم فارس ، سلامٌ على من اتبَعَ الهُدى .... ).

- فما أن سمِع كِسرى من الرِسالةِ هذا المِقدار حتّى اشتعلتْ نار الغضب في صدرهِ ، فاحمرّ وجهه وانتفَخت أوادجُه لأن الرسول عليه الصلاةُ والسلام بدأ بنفسِهِ ...فجذَب الرسالةَ من يدِ كاتِبِهِ وَجَعل يُمَزِّقُها دون أن يعلَم مافيها وهو يصيحُ: أيَكتُب لي بهذا وهَو عبدي ؟!! ثَمّ أمر بعبد الله بن حُذافة أن يُخرَجَ مِن مجلِسِه ، فأُخرِجَ.

* * *

- خرج عبد الله بن حُذافة من مجلس كسرى ، وهو لا يدري مايفعل الله له ...

أيُقتل أم يُتركُ حراً طليقاً ؟

لكنَّه مالبِث أن قال: والله ما أُبالي على أي حالٍ أكون بعدَ أن أديْتُ كتاب رسولِ الله ، ورَكِبَ راحِلَتَهُ وانطلَق.

ولما سكتَ عن كِسرى الغضَب ، أمَر بأن يدخُل عليه عبد الله ؛ فلَم يوجد ...

فالتَمَسُوهُ فلم يقِفوا له على أَثُرْ ...

فطلبوه في الطريقِ إلى جزيرة العربِ فوجوده قد سبقَ.

فلمَّا قَدِم عبد الله على رسول الله صلى الله عليه وسلّم أخبره بما كان من أمْرِ كِسرى وتمزيقِه الكِتاب ، فما زاد عليه الصَلاة والسلام على أن قالَ: ( مزَّق الله مُلْكَه ).

* * *

- أما كِسرى فقد كتَب إلى ((باذان)) نائبه على اليمن: أنِِ ابعث إلى هذا الرجُل الذي ظَهر بالحِجاز رجلين جَلْدَين من عندِك ، ومُرهُما أن يأتياني به ... فبعث ((باذان)) رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحمَّلَهُما رسالةً لهُ ، يأمُره فيها بأن ينصِرف معهما إلى لِقاءِ كِسرى دون إبطاءٍ...

وطلب إلى الرجُلين أن يقِفا على خبَرِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام ، وأن يستقصيا أمرَهُ ، وأن يأتيَاه بما يقِفان عليه مِن معلومات.

* * *

- خرج الرجلان يُغِذَّان السّير حتّى بلغا الطائف فوجدا رجالا تُجارا من قُريش ، فسألاهُم عن مُحمّد عليه الصلاة والسلام ، فقالوا: هو في يثْرِبَ ، ثم مضى التُجّار إلى مكّة فَرِحين مُستبشرين ، وجَعلوا يُهنِّئون قُريشاً ويقولون: قَرُّوا عيناً فإن كسرى تصدّى لمُحمد وكفاكُم شرَّهُ.

- أما الرجلان فَيمَّما وجهيهِما شَطْر المدينة حتّى إذا بلغاها لقِيا النبي عليه الصلاة والسلام ، ودفعا إليه رسالة ((باذان)) وقالا له:

إن ملك الملوك كسرى كتَبَ إلى ملِكِنا ((باذان)) أن يبعث إليك من يأتيه بك ... وقد أتيناك لتنطلق معنا إليه ، فإن أجبتنا كلّمنا كسرى بما ينفعك ويكفُّ أذاهُ عنك ، وإن أبيتَ فهُو من قد علِمتَ سطوتَهُ وبطشه وقدرته على إهلاكك وإهلاك قومك.

- فتبسم الرسول عليه الصلاة والسلام وقال لهُما: ( ارجعا إلى رحالِكُما اليوم وأتِيا غداً ).

- فلما غَدَوا على النبي صلوات الله عليه في اليوم التالي ، قالا له: هل أعدَدْت نفسك للمُضِيِّ معنا للقَاءِ كِسرى؟

- فقال لهما النبي: ( لن تلقيا كسرى بعد اليوم ... فلقد قتله الله ؛ حيث سلّط الله عليه ابنه ((شِيروَيه)) في ليلة كذا ... من شهر كذا ...).

فحَدّقا في وجه النبي ، وبَدَت الدهشة على وجهيهما ، وقالا: أتدري ماتقول ؟! أنكتب بذلك (( لباذان )) ؟!

قال : ( نعم ، وقولا له: إن ديني سيبلغ مابلغ إليه مُلكُ كسرى ، وأنّك إن أسلمتَ أعطيتُك ماتحْتَ يَديْك ، وملَّكْتُك على قومك ).

* * *

- خرج الرجلان من عند الرسول صلوات الله عليه ، وقدِما على (( باذان )) وأخبراه الخبر ، فقال لئن كان ماقاله محمد فهو نبي ، وإن لم يكن كذلك فسنرى فيه رأياً ...

- فلم يلبث أن قدم على (( باذان )) كتاب ((شيرويه)) وفيه يقول:

أما بعد فقد قتلت كسرى ، ولم أقتله إلا انتقاما لقومنا ، فقد استحل قتل أشرافهم وسبيَ نِسائِهِم وانتهاب أموالِهِم ، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطّاعة ممّن عندك.

فما إن قرأ (( باذان )) كتابُ ((شيرويه)) حتّى طرَحه جانبا وأعلن دخوله في الإسلام ، وأسلم من كان معه من الفُرس في بلاد اليمن.

* * *

- هذه قصة لقاء عبد الله بن حذافة لكسرى ملك الفرس.

فما قصة لقائه لقيصر عظيم الروم ؟

- لقد كان لقاؤه لقيصر في خلافة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، وكانت له معه قصةً من روائع القصص ..

- ففي السنة التاسعة عشرة للهجرة بعث عمر بن الخّطاب جيشاً لحربِ الروم فيه عبد الله بن حُذافة السهميُّ ...وكان قيصر عظيم الروم قد تناهت إليه أخبار جُندِ المسلمين ومايتحلّون به من صدقِ الإيمان ورسوخ العقيدة واسترخاص النفس في سبيل الله ورسوله.

- فأمر رِجاله إذا ظفروا بأسير من أسرى المسلمين أن يُبقوا عليه ، وأن يأتوه به حياً وشاء الله أن يقع عبد الله بن حُذافة السَّهميُّ أسيرا في أيدي الروم ؛ فحملوه إلى مليكهم وقالوا: إن هذا من أصحابِ محمد السابقين إلى دينِه قد وقع أسيراً في أيدينا ؛ فأتيناك به.

* * *

- نظر ملِكُ الروم طويلاً إلى عبد الله بن حُذافة ، ثمّ بادره قائلاً:

إني أعرض عليك أمراً.

قال: وماهو ؟

فقـال أعرض عليك أن تتنصَّر ... فإن فعَلتَ ، خلَّيتُ سبيلَك ، وأكرمتُ مثواك.

فقال الأسيرُ في أنفةٍ وحزمٍ: هَيهاتَ ... إن الموت لأحبُّ إليَّ ألف مرّةٍ مما تدعوني إليه.

فقال قيصر: إني لأراك رجُلاً شهماً ... فإن أجبتني فيما أعرضُه عليك أشركْتُك أمري وقاسمتك سُلطاني.

فتبسّم الأسير المُكبَّلُ بقيودِه وقال:

والله لو أعطيتني جميع ما تملُك ، وجميع ماملكتهُ العرب على أن أرجع على دين محمدٍ طرفة عينٍ مافعلت.

قال: إذن أقتلك.

قال: أنت وماتريد ، ثم أمر به فصُلِبَ ، وقال لقناصتِه - بالرُّومية -: ارموه قريباً من يديه وهو يعرُض عليه التنصُّر فأبى.

فقال: ارموه قريبا من رجليه ، وهو يعرض عليه مفارقة دينِه فأبى.

عند ذلك أمرهُم أن يكُفُّوا عنه وطلَب إليهم أن يُنزلوه عن خشبة الصلب ، ثم دعا بقدرٍ عظيمةٍ فصُبَّ فيها الزيتُ ورفِعَت على النّار حتى غلت ثم دعى بأسيرين من أسرى المُسلِمين ، فأمر بأحدِهِما أن يُلْقا فيها فأُلقي ، فإذا بلحمه يتفتَّتُ. وإذا عِظامَه تبدو عاريةً ...

ثم التفت إلى عبد الله بن حُذافة ودعاه إلى النصرانيّة ، فكان أشدَّ إباءً لها من قبل.

فلما يئس منه ؛ أمر به أن يُلقا في القِدر التي أُلقِيَ فيها صاحباه فلما ُّهِب به دمعت عيناه ، فقال رجالُ قيصر لمَلِكِهم: إنّه قد بكى ...

فظَّن أنَّه قد جَزِع وقال ردوه إليَّ.

فلمّا مثُلَ بين يديه عرض عليه النصرانيَّة فأباها.

فقال: ويحُك فما الذي أبكاك إذن ؟!

قال: أبكاني أني قُلتُ في نفسي: تُلقى الآن في هذه القِدر فتذْهَبُ نفسُكَ ، وقد كُنْتُ أشتهي أن يكون لي بعدد مافي جسدي من شعرٍ أَنفُسٌ فتُلقى كلُّها في هذا القِدر في سبيل الله.

فقال الطاغية: هل لك أن تُقَبِّلَ رأسي وأُخلِّي عنك ؟

فقال له عبد الله: وعن جميع أسارى المُسلمين أيضاً.

قال: وعن جميع أسرى المسلمين أيضا.

قال عبد الله: فقُلت في نفسي: عدوٌ من أعداء الله ، أُقبِّلُ رأسه فيُخلِّي عنِّي وعن أسارى المُسلِمين جميعاً ، لا ضيرَ في ذلك عليَّ.

ثُمّ دنا منه وقبَّل رأسَهُ ، فأمَرَ مَلِكُ الرُّوم أن يجمعوا له أسارى المُسلِمين ، وأن يدفعوهم إليه ، فدُفِعوا له.

* * *

- قَدِمَ عبد الله بن حُذافة على عٌمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، وأخْبَرَهُ خَبَرَهُ ؛ فسُرَّ به الفاروق أعظَم السُرور ، ولمّا نظَر إلى الأسرى قال: حقٌّ على كُلِّ مُسلِمٍ أن يُقبِّل رأس عبد الله بن حُذافَة .. وأنا أبدأ بذلك... ثم قام وقبّل رأسه ...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: البراء بن مالك الأنصاري رضي الله عنه   هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالجمعة ديسمبر 31, 2010 11:09 pm



هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Sahaba05



* كان أشْعَث أغْبَرَ ( أي متلبد الشعر أغبر الجسم ) ضئيل الجسم معْروقَ العظم ( أي مهزول الجسد قليل اللحم ) تَقتَحِمه عينٌ رائية ثمّ تزور عنهُ ازوِرارا. ( تزور عنه: أي تميل عنه )..

ولكنّه مع ذلك، قتل مائةً من المشركين مبارزة وحده، عدا عن اللذين قتلهم في غمار المعارك مع المحاربين.

إنه الكمي الباسل المقدام الذي كتب الفاروقُ بشأنه إلى عُمّالِه في الآفاق. ألا يولوه على جيش من جيوش المسلمين، خوفاٌ من أن يُهلكهم بإقدامه.

- إنه البراءُ بن مالك الأنصاريُّ، أخو أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولو رُحت أستقصي لك أخبار بطولات البراء بن مالك لطال الكلام وضاق المقام، لذا رأيت أن أعرض لك قصةٌ واحدة من قصص بطولاته وهي تُنبيك عمَّا عداها.

- تبدأ هذه القصة منذ الساعات الأولى لوفاة النبي الكريم والتحاقه بالرفيق الأعلى، حيث طفِقَت قبائِلُ العربِ تخرُج من دين الله أفواجاً، كما دخلتْ في هذا الدين أفواجاً، حتى لم يبقى على الإسلام إلا أهلُ مكَّة والمدينة والطّائف وجماعاتٌ متفرِّقة هنا وهناك ممن ثبّت الله قلوبهم على الإيمان.

* * *

- صَمَدَ الصِّديق رضي الله عنه لهذه الفتنَةِ المُدمِّرة العمياء، صُمود الجبالِ الراسيات، وجهَّز من المُهاجرين والأنصار أحد عشر جيشاً، وعقد لقادة هذه الجيوش أحد عشر لواءً، ودفع بهم إلى جزيرة العرب ليُعيدوا المرتّدين إلى سبيل الهُدى والحق وليحملوا المنحرفين عن الجادَّة بحد السيف.

وكان أقوى المُرتدين بأساً، وأكثرهم عدداً، بنو حنيفة أصحاب مسيلمة الكّذاب.

فقد اجتمع لمسيلمة من قومه وحلفائهم أربعون ألفاً من أشداء المحاربين.

وكان أكثر هؤلاء قدا تبعوه عصبيّةً له، لا إيماناً به، فقد كان بعضُهم يقول: أشهدُ أن مُسيلمة كذابٌ ومحمداً صادقً ... لكنّ كذابَ ربيعة ( أي مسيلمة الكذّاب ) أحبُّ إلينا من صادِقٍ مُضَر( يقصدون محمد صلى الله عليه وسلّم ).

هزم مسيلمة أول جيش خرج إليه من جُيوشِ المُسلمين بقيادَةِ عِكْرِمَة بن أبي جهْلٍ وردّهُ على أعقابهِ.

فأرسل له الصّديقُ جيشاً ثانياً بقيادة خالد بن الوَليد، حشد فيه وجُوه الصحابة من المهاجرين والأنصار، وكان في طليعةِ هؤلاء وهؤلاء البراءُ بن مالك الأنصاري ونَفَرٌ من كُماةِ المُسلمين.

* * *

- التقى الجيشان على أرض اليمامة في نجدٍ، فما هُو إلا قليل، حتّى رجحت كفة مسيلمة وأصحابه، وزُلزلت الأرض تحت أقدام جنود المسلمين، وطفِقوا يتراجعون عن مواقِفِهِم، حتّى اقتحم أصحاب مُسيلمَةَ فُسْطَاطَ ( الفسطاط: هي الخيمة الكبيرة ) خالد بن الوليد، واقتلعوه من أُصوله، وكادو يقتُلون زوجته وأولادَه لولا أن أجارَهُ واحدٌ منهم.

عند ذلك شعر المسلمون بالخطر الدّاهم، وأَدركوا أنّهُم إن يُهزموا أمام مُسيلمة فلن تقوم للإسلام قائمةٌ بعد اليوم، ولن يُعْبَد الله وَحْدَهُ لا شريكَ له في جزيرة العَرب.

وهبَّ خالدٌ إلى جيشِهِ ، وأعَادَ تنظيمَهُ ، حيثُ ميَّز المُهاجرين عن الأنصار وميّز أبناءَ البوادي عن هؤلاء وهؤلاء.

وجمع أبناء كُلِّ أب تحت رايةِ واحدٍ منهم ، ليُعرَف بلاءُ كُلِّ فريقِ في المعركة ، وليُعلم من أين يُؤتى المسلمون.

* * *

- ودارتْ بينَ الفريقَين رَحَى مَعرَكَةٍ ضَروسٍ ( أي معركة شديدة مهلكه ) لم تعرِف حُروبُ المُسلِمين لها نظِيراً من قبلُ ، وثبتَ قومُ مُسيلمة في ساحات الوغى ثبات الجبال الراسيات ولم يأبهوا لكثرة ما أصابهُم من القتل. وأبدى المُسلمون من خَوارِق البُطولات مالو جُمِع لكان مَلْحَمةً من روائع الملاحم.

فهذا ثابتُ بن قيس حامل لِواء الأنصار يتحنّط ويتكفّن ويحفر لنفسه حُفرةً في الأرض ، فينزل فيها إلى نصفِ ساقيهِ ، ويبقى ثابتا في موقفه ، يجالد عن راية قومه حتّى خرّ صريعاً شهيداً.

وهذا زيد بن الخطّاب أخو عُمر بن الخطّاب رضي الله عنهُما ينادي في المُسلمين: أيُّها الناس عضُّوا على أضراسكم ، واضربوا في عدوّكُم وامضوا قُدُماً ....

أيُّها الناس، والله لا أتكلم بعد هذه الكلمة أبدا حتّى يُهزم مُسيلمة أو أَلقى الله فَأُدْلي إليهِ بحُجّتي ....

ثمَّ كرّ على القَومِ فما زال يُقاتِلُ حتّى قتل.

وهذا سالمً مولى أبي حُذيفة يحمل راية المُهاجرين فيخشى عليه قومُهُ أن يضْعُف أو يتزعزع ، فقالوا له: إنّا نخشَى أنْ نُؤتى من قبلِك ، فقال: إن أتِيتُم من قَبلي فبِئسَ حامِلُ القُرآنِ أكون ....

ثم كرّ على أعداء الله كرةً باسِلة ، حتّى أُصيب.

ولكن بُطولات هؤلاء جميعا تتضاءل أمام بطولة البراء بن مالك رضي الله عنه وعنهم أجعين.

ذلك أن خالدا حين رأى وطيس المعركة يحمى ويشتد ، التفت إلى البراء بن مالك وقال: إليهم يافتى الأنصار ...

فالتفت البراء إلى قومه وقال: يامَعشَر الأنصَار لا يُفَكِّرَنَّ أحَدٌ منك بالرجوعِ إلى المدينة، فلا مدينةَ لكُم بعد اليوم ... وإنّما هو الله وحده ... ثُم الجنّة ...

ثُمّ حمل على المُشركين وحَملوا معَه وانْبَرى يشُقٌّ الصُفوف ويُعْمِل السيف في رقابِ أعداء الله حتى زَلزلت أقدامُ مسيلمة وأصحابه ، فلجأوا إلى الحديقة التي عُرِفت في التاريخ بعد ذلك بإسم حديقة الموت؛ لكثرة من قُتل فيها في ذلك اليوم.

* * *

- كانت حديقة الموت هذه رحبة الأرجاء سامِقَة الجُدرانِ ، فأغلق مسيلمةُ والآلافُ المُؤلّفة من جُنده عليهم أبوابها , وتحصنوا بعالي جدرانها , وجعلوا يمطرون المسلمين بنبالهم من داخلها فتتساقط عليهم تساقط المطر.

عند ذلك تقدم مغوار المسلمين الباسل البراء بن مالك وقال:

ياقوم ضعوني على ترس , وارفعوا الترس على الرمح , ثم اقذفوني إلى الحديقة قريباً من بابها , فإما أن أستشهد , وإما أن أفتح لكم الباب.

* * *

وفي لمح البصر جلس البراء بن مالك على ترس , فقد كان ضئيل الجسم نحيله , ورفعته عشرات الرماح فألقته في حديقة الموت بين الآلاف المؤلفة من جند مسيلمة , فنزل عليهم نزول الصّاعقة ، وما زال يجالدلهم أمام باب الحديقة ، ويُعمل في رقابهم السيف حتى قتل عشرة منهم وفتح الباب، وبه بضعٌ وثمانون جراحةً من بين رميةٍ بسهْمٍ أو ضربةٍ بسيف ... فتدفق المسلمون على حديقة الموت، من حيطانها وأبوابِها وأعملوا السيوف في رقاب المُرتدين اللائذين بجُدرانها، حتّى قتلوا منهم قريباً من عشرين ألفاً ووصلوا إلى مُسيلمَة فَأَرْدُوْه صريُعا.

* * *

- حُمِل البراءُ بن مالِك إلى رَحْلِه ليُداوى فيه، وأقام عليه خالد بن الوليد شهراً يُعالِجه من جراحِه حتّى أذن الله له بالشفَاء، وكتبَ لِجُند المُسلِمينَ على يديهِ النصر.

* * *

- ظَلَّ البراءُ بن مالك الأنصاريّ يَتُوقُ إلى الشهادَة التي فاتته يوم حَديقة الموت ...

وطفق يخوضُ المعارك واحدةً تِلوَ أُخرى شوقاً إلى تحقيق أُمنيته الكُبرى وحنيناً إلى اللَّحاق بنبيه الكريم، حتّى كان يوم فتْح ( تُسْتَر ) ( تُستر: هو اسم مدينة في بلاد فارس ) فقد تحصّن الفُرس في إحدى القِلاع المُمرّدة ( المُمرّدة أي الملساء المُرتفعة ) فحاصَرَهُم المُسلمون وأحاطوا بهم إحاطة السوار بالمِعصَم ، فلمّا طال الحِصار واشتدّ البلاء على الفُرس ، جعلوا يُدَلُّون من فوقِ أسوارِ القَلْعًة سلاسِل من حديد ، عُلِّقت بِها كَلالِيبُ من فولاذ حُمِيَت بالنَّار حتّى غدت أشَدَّ توهُجاً من الجَمْر، فكانت تنشب في أجساد المُسلمين وتَعلَقُ بها ، فُيرفعونهُم إليهم إما موتى وإما على وشك المَوت.

فعَلِق كلابٌ مِنها بأنس بن مالِك أخي البراء بن مالك فما إن رآه البراء حتى وَثَبَ على جِدارِ الحِصْن ، وأمسَك بالسِلسِلة التي تَحْمِلُ أخَاه وَجَعَل يُعالِج الكَلاّب ليُخْرِجه من جَسَدِه فأخذت يدَهُ تحُترِق وتُدخِّن ، فلَم يأبَه حتّى أنقَذ أخاه، وهبَط إلى الأرض حتّى غدت عِظاما ليس عليها لحمٌ.

وفي هذه المعركة دعا البراءُ بن مالك الأنصاري الله أن يرزُقه الشّهادة؛ فأجاب الله دعائه، حيث خرَّ صريعاً شهيداً مغتَبِطاً بِلقَاءِ الله.

* * *

- نضّر الله وجه البراء بن مالِك في الجنة ، وأقَرَّ عينَهُ بصُحبَةِ نبيَّه محمد عليه الصلاة والسلام ، ورضي عنه وأرضاه.





عدل سابقا من قبل أملي الفردوس في الجمعة ديسمبر 31, 2010 11:22 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه   هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالجمعة ديسمبر 31, 2010 11:18 pm


هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Sahaba08




* هذا الصحابي الجليل يدعى خالد بن زيد بن كليب ، من بني النجار. أما كنيته فأبو أيوب ، وأما نسبته فإلى الأنصار.

ومن منا معشر المسلمين لا يعرف أبا أيوب الأنصاري !

فقد رفع الله في الخافقين ذكره ، وأعلى في الأنام قدره حين اختار بيته من دون بيوت المسلمين جميعا لينزل فيه النبي الكريم لمّا حل في المدينة مهاجراً ، وحسْبه بذلك فخراً.

ولنزول الرسول صلوات الله عليه في بيت أبي أيوب قصّة يحلو تردادها ويلذ تكرارها.

ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام حين بَلغ المدينة تلقته أفئدة أهلها بأكرم ما يتلقى به وافد...

وتطلعت إليه عيونهم تبثه شوق الحبيب إلى حبيبه...

وفتحوا له قلوبهم ليحل منها في السويداء...

وأشرعوا له أبواب بيوتهم لينزل فيها أعز منزل.

لكن الرسول صلوات الله عليه ، قضى في قباء من ضواحي المدينة أياما أربعة ، بنى خلالها مسجده الذي هو أول مسجد أسس على التقوى.

ثم خرج منها راكبا ناقته، فوقف سادات يثرب في طريقها، كل يريد أن يظفر بشرف نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ....

وكانوا يعترضون الناقة سيدا إثر سيد، ويقولون: أقم عندنا يارسول الله في العَدَدِ والعُدَدِ والمَنَعَةِ.

فيقول لهم: ( دعوها فإنها مأمورة ).

وتظل الناقة تمضي إلى غايتها تتبعها العيون، وتحف بها القلوب...

فإذا جازت منزلا حزن أهله و أصابهم اليأس، بينما يشرق الأمل في نفوس من يليهم.

وما زالت الناقة على حالها هذه، والناس يمضون في إثرها، وهم يتلهفون شوقا لمعرفة السعيد المحظوظ حتى بلغت ساحة خلاء أمام بيت أبي أيوب الأنصاري، وبركت فيها ...

لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينزل عنها...

فما لبثت أن وثبت وانطلقت تمشي، والرسول مرخ لها زمامها، ثم ما لبثت أن عادت أدراجها وبركت في مبركها الأول.

عند ذلك غمرت الفرحة فؤاد أبي أيوب الأنصاري، وبادر إلى رسول الله صلوات الله عليه يرحب به، وحمل متاعه بين يديه، وكأنما يحمل كنوز الدنيا كلها ومضى به إلى بيته.

* * *

- كان منزل أبي أيوب يتألف من طبقة فوقها عُلِّيَّة ، فأخلى العُلِّيةَ من متاعه ومتاع أهله لينزل فيها رسول الله ...

لكن النبي عليه الصلاة والسلام آثر عليها الطبقة السفلى، فامتثل أبو أيوب لأمره، وأنزله حيث أحب.

ولما أقبل الليل، وأوَى الرسول صلوات الله عليه إلى فراشه، صعد أبو أيوب وزوجه إلى العُلِّيَّةِ وما إن أغلقا عليهما بابها حتى التفت أبو أيوب إلى زوجته وقال: ويحك، ماذا صنعنا؟ أيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفل، ونحن أعلى منه.

أنمشي فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنصير بين النبي والوحي إنا إذن لهالكون. وسُقِطَ في أيدي الزوجين وهما لا يدريان ما يفعلان. ولم تسكن نفسهما بعض السكون إلا حين انحازا إلى جانب العلية الذي لا يقع فوق رسول الله صلى الله عليه و سلم، والتزماه لا يبرحانه إلا ماشيين على الأطراف متباعدين عن الوسط.

فلما أصبح أبو أيوب؛ قال للنبي عليه الصلاة والسلام: والله ما أُغمِضَ لنا جفن في هذه الليلة لا أنا ولا أُم أيوب.

فقال عليه الصلاة والسلام: ( ومم ذاك يا أبا أيوب ).

قال: ذكرت أني على ظهر بيت أنت تحته، وأني إذا تحركت تناثر عليك الغبار فآذاك، ثم إني غدوت بينك وبين الوحي.

فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: ( هون عليك يا أبا أيوب، إنه أرفق بنا أن نكون في السفل ، لكثرة من يغشانا من الناس ).

قال أبو أيوب: فامتثلت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن كانت ليلة باردة فانكسرت لنا جرة وأُريق ماؤها في العلية، فقمت إلى الماء أنا وأم أيوب، وليس لدينا إلا قطيفة كنا نتخذها لحافا، وجعلنا ننشف بها الماء خوفا من أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلما كان الصباح غدوت إلى الرسول صلوات الله عليه، وقلت: بأبي أنت وأمي، إني أكره أن أكون فوقك، وأن تكون أسفل مني، ثم قصصت عليه خبر الجرة، فاستجاب لي، وصعد إلى العلية، و نزلت أنا وأم أيوب إلى السُّفلِ.

* * *

- أقام النبي عليه الصلاة و السلام في بيت أبي أيوب نحواً من سبعة أشهر، حتى تم بناء مسجده في الأرض الخلاء التي بركت فيها الناقة، فانتقل إلى الحُجُراتِ التي أقيمت حول المسجد له ولأزواجه، فَغَدا جارا لأبي أيوب ، أكرِم بهما من متجاورين.

* * *

- أحب أبو أيوب رسول الله صلوات الله عليه حبا ملك عليه قلبه ولبه، وأحب الرسول الكريم أبا أيوب حباً أزال الكلفة فيما بينه وبينه، وجعله ينظر إلى بيت أبي أيوب كأنه بيته.

* * *

- حدَّث ابن عباس قال: خرج أبو بكر رضي الله عنه بالهاجرة ( أي في نصف النهار ) إلى المسجد فرآه عمر رضي الله عنه، فقال: يا أبا بكر ما أخرجك هذه الساعة ؟

قال: ما أخرجني إلا ما أجد من شدة الجوع.

فقال عمر: وأنا والله ما أخرجني غير ذلك.

فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( ما أخرجكما هذه الساعة ).

قالا: والله ما أخرجنا إلا ما نجده في بطوننا من شدة الجوع.

قال عليه السلام Sad وأنا – والذي نفسي بيده – ما أخرجني غير ذلك ، قوما معي ).

فانطلقوا فأتوا باب أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله كل يوم طعاماً، فإذا أبطأ عنه ولم يأت إليه في حينه أطعمه لأهله.

فلما بلغوا الباب خرجت إليهم أم أيوب، وقالت: مرحبا بنبي الله وبمن معه، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: ( أين أبو أيوب ) فسمع أبو أيوب صوت النبي - وكان يعمل في نخل قريب له - فأقبل يسرع، وهو يقول: مرحبا برسول الله وبمن معه، ثم أتبع قائلاًَ: يانبي الله ليس هذا بالوقت الذي كنت تجيء فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: ( صدقت )، ثم انطلق أبو أيوب إلى نخيله فقطع منه عِذْقاً ( العذق: غصن له شعب ) فيه تمر ورطب وبُسره ( البسرة: ما لم يكتمل نضجه ).

فقال عليه الصلاة وللسلام: ( ما أردت أن تقطع هذا ، ألا جنيت لنا من تمره ).

قال: يارسول الله أحببت أن تأكلا من تمره ورطبه وبسره ، ولأذبحن لك أيضا.

قال: ( إن ذبحت فلا تذبحن ذات لبن ).

فأخذ أبو أيوب جديا فذبحه، ثم قال لامرأته: اعجني واخبزي لنا، وأنت أعلم بالخبز، ثم أخذ نصف الجدي فطبخه، وعمد إلى نصفه الثاني فشواه، فلما نضج الطعام ووُضِع بين يدي النبي وصاحبيه، أخذ الرسول قطعة من الجدي ووضعها في رغيف، وقال: ( يا أبا أيوب بادر بهذه القطعة إلى فاطمة، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام ).

فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( خبز، ولحم، وتمر، وبُسر، ورطب!!! )..

ودمعت عيناه ثم قال: ( والذي نفسي بيده إن هذا هو النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، فإذا أصبتم مثل هذا فضربتم بأيديكم فيه فقولوا: بسم الله، فإذا شبعتم فقولوا: الحمد لله الذي هو أشبعنا وأنعم علينا فأفضل ).

ثم نهض الرسول صلوات الله عليه، وقال لأبي أيوب: ( ائتنا غدا ).

وكان عليه الصلاة والسلام لا يصنع له أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه عليه؛ لكن أبا أيوب لم يسمع ذلك.

فقال له عمر رضوان الله عليه: إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تأتيه غدا يا أبا أيوب.

فقال أبو أيوب: سمعا وطاعة لرسول الله.

فلما كان الغد ذهب أبو أيوب إلى النبي عليه الصلاة والسلام فأعطاه وليدة كانت تخدمه، وقال له : ( استوص بها خيرا يا أبا أيوب فإنا لم نر منها إلا خيرا ما دامت عندنا ).

* * *

- عاد أبو أيوب إلى بيته ومعه الوليدة؛ فلما رأتها أم أيوب قالت: لمن هذه يا أبا أيوب!.

قال: لنا... منحنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقالت: أعظم به من مانح وأكرم بها من منحة.

فقال: وقد أوصانا بها خيرا.

فقالت: وكيف نصنع بها حتى ننفذ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال: والله لا أجد لوصية رسول الله بها خيرا من أن أعتقها.

فقالت: هديت إلى الصواب ، فأنت موفق.... ثم أعتقها.

* * *

- هذه بعض صور حياة أبي أيوب الأنصاري في سلمه فلو أتيح لك أن تقف على بعض صور حياته في حربه لرأيت عجبا....

فقد عاش أبو أيوب رضي الله عنه طول حياته غازيا حتى قيل: إنه لم يتخلف عن غزوة غزاها المسلمون منذ عهد الرسول إلى زمن معاوية إلا إذا كان منشغلا عنها بأخرى.

وكانت آخر غزواته حين جهز معاوية جيشا بقيادة ابنه يزيد، لفتح القسطنطينية وكان أبو أيوب انذاك شيخا طاعنا في السن يحبو نحو الثمانين من عمره فلم يمنعه ذلك من أن ينضوي تحت لواء يزيد، وأن يمخر عباب البحر غازيا في سبيل الله.

لكنه لم يمض غير قليل على منازلة العدو حتى مرض أبو أيوب مرضا أقعده عن مواصلة القتال، فجاء يزيد ليعوده وسأله: ألك من حاجة يا أبا أيوب.

فقال: اقرأ عني السلام على جنود المسلمين، وقل لهم: يوصيكم أبو أيوب أن توغلوا في أرض العدو إلى أبعد غاية، وأن تحملوه معكم، وأن تدفنوه تحت أقدامكم عند أسوار القسطنطينيه، ولفظ أنفاسه الطاهرة.

* * *

- استجاب جند المسلمين لرغبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكروا على جند العدو الكرة حتى بلغوا أسوار القسطنطينة وهم يحملون أبا أيوب معهم.

وهناك حفروا له قبرا و واروه فيه.

* * *

- رحم الله أبا أيوب الأنصاري، فقد أبى إلا أن يموت على ظهور الجياد الصافنات غازيا في سبيل الله.. وسنه تقارب الثمانين ...



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: ثابت بن قيس الأنصاري رضي الله عنه   هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالجمعة ديسمبر 31, 2010 11:27 pm

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Sahaba20



* ثابتُ بن قيسٍ الأنصاريُّ سيِّد من ساداتِ الخزرجِ ( قبيلة يمنية الأصل ارتحلت إلى المدينة واستقرت وكانت هي والأوس تكونان جمهرة الأنصار ) المرموقينَ، ووجهٌ من وجوهِ يثربَ المَعدودين.

وكان إلى ذلك ذكيِّ الفؤادِ، حاضرَ البديهةِ، رائعَ البيانِ، جهير الصوت، إذا نَطَقَ بَزَّ القائلين ( غلبهم وتفوق عليهم )، وإذا خَطَبَ أسرَ السامعين.

وهو أحدُ السابقين إلى الإسلام في يثربَ؛ إذْ ما كادَ يستمعُ إلى آيِ الذكرِ الحكيم يُرتِّلها الدّاعيةُ المكيُّ الشابُّ مُصعبُ بنُ عُمير بصوته الشجيِّ وجرسهِ النديِّ ( النبرة والنغمة ) حتى أسرَ القرآنْ سمعهَ بحلاوةَ وقعِه، وملكَ قلبه برائع بيانِه، وخلبَ لبَّه بما حفلَ به من هديٍ وتشريع.

فشرحَ الله صدرَه للإيمان، وأعلى قدرَه ورفعَ ذكرهُ بالانضواءِ تحتَ لواءِ نبيِّ الإسلام.

* * *

- ولما قدمِ الرسولُ صلوات الله وسلامه إلى المدينةِ مُهاجراً استقبلهُ ثابتُ بنُ قيسٍ في جماعة كبيرةٍ من فرسانِ قومهِ أكرمَ استِقبالٍ، ورحّبَ بهِ وبصاحبهِ الصدِّيق أجملَ ترحيبٍ، وخطبَ بين يديهِ خطبةً بليغةً افتتحها بِحمدِ الله عزَّ وجلَّ، والثناءِ عليه، والصلاةِ والسلام على نبيّه...

واختتمَها بقوله: "وإنا نعاهِدكَ يا رسولُ الله على أن نمنعكَ ( نحميك ) مِمَّا نمنعُ منه أنفسَنا وأولادَنا ونساءَنا؛ فما لنا لقاءَ ذلك؟".

فقال عليه الصلاة والسلام: ( الجَنَّة.... ).

فما كادت كلمةُ "الجنةِ" تصافحُ آذانَ القومِ حتى أشرقَت وجوهُهم بالفرحةِ وزهتْ قسماتهمْ بالبَهجة، وقالوا: رضينا يا رسولَ الله... رضينا يا رسول الله...

ومُنذ ذلك اليومِ جعَل الرسولُ صلواتُ الله عليه ثابتَ بنَ قيسٍ خطيبهُ، كما كان حسانُ بنُ ثابتٍ شاعره.

فصار إذا جاءته وُفودُ العربِ لتفاخرهُ أو تناظرهُ بألسنةِ الفصَحَاء المَقاوِل ( البلغاء الذي يجيدونه القول ) من خطبائِها وشعرائِها، نَدبَ لهم ثابتَ بن قيسٍ لمصاولةِ (المنازعة ) الخطباءِ، وحسَّانَ ابن ثابتٍ لِمُفاخرةِ الشعراءِ.

* * *

- ولقد كان ثابتُ بنُ قيسٍ مؤمناً عميقَ الإيمانَ، تَقيّا صادق التّقوى، شديدَ الخشيةِ من ربِّه، عظيمَ الحذَرِ من كل ما يغضبُ الله عزّ وجل.

فلقد رآه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يومٍ هلِعاً جزِعاً ( خائفاً محزوناً ) ترتعد فرائصة خوفا وخشية فقال: ( ما بكَ يا أبا محمد؟! )

فقال: أخشَى أن أكونَ قد هلكتُ يا رسولَ الله...

قال: ( ولِمَ؟! ).

قال: لقد نهانا الله عزَّ وجلَّ عن أن نحبَّ أن نُحمَدَ بما لم نفعل، وأجدُني أحبُّ الحمدَ... ونهانا عن الخُيلاءِ ( التكبر ) وأجدُني أحبُّ الزَّهوَ ( الإعجاب بالنفس ).

فما زالَ الرسول صلوات الله عليه وسلامه يُهدّئ من روعهِ ( يهدئ من خوفه ) حتى قال: ( يا ثابتُ، ألا ترضى أن تَعيشَ حميداً... وتُقتلَ شهيداً... وتدخُل الجنّة...؟ ).

فأشرقَ وجهُ ثابتٍ بهذه البشرى وقال: بلى يا رسولَ الله... بلى يا رسولَ الله...

فقال عليه الصلاة والسلام: ( إنَّ لكَ ذلك ).

* * *

- ولما نَزل قولهُ جَلّ شأنُه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ } الحجرات:1-2.

تجنبَ ثابتُ بنُ قيسٍ مجالسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ( على الرغمِ من شدّة حُبه له، وفرطِ تعلقِه به ) ولزمَ بيته حتى لا يكادُ يبرحه إلا لأداء المكتوبةِ ( الصلاة ).

فافتقدَه النبيُّ صلواتُ الله وسلامُه عليه وقال: ( من يأتيني بخبرِه؟ ).

فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله.

وذهب إليه فوجَده في مَنزله محزوناً مُنكساَ رأسهُ فقال: ما شأنكَ يا أبا محمد؟.

قال: شرٌ.

قال: وما ذلك؟!

قال: إنّك تعرفُ أني رجُلٌ جهيرُ الصوتِ، وأن صوتي كثيراً ما يعلو على صوتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نزَل من القرآن ما تعلمُ، وما أحسَبُني إلا قدْ حبِطَ عملي ( ذهب سدى ) وأنني من أهلِ النارِ...

فرجعَ الرجلُ إلى الرسولِ صلوات الله وسلامه عليه، وأخبره بما رأى وما سمع فقال: ( اذهبْ إليه وقل له: لستَ من أهلِ النَّارِ؛ ولكنكَ من أهلِ الجنة ).

فكانت هذه بشارةً عُظمى لثابتٍ ظلّ يرجو خيرها طوال حياتهِ.

* * *

- وقد شَهدَ ثابتُ بن قيسٍ مع رسولِ الله صلى الله عليه وسلم المشاهِدَ كلها سِوى بدرٍ، وأقحمَ نفسهُ في غمار المعاركِ طلباً للشهادة التي بشرَه بها النبيُّ، فكان يخطئها في كل مرّةٍ، وهي قاب قوسين منه أو أدنى...

إلى أن وقعت حروبُ الردَّةِ بين المسلمينَ ومُسيلمةَ الكذابِ على عهدِ الصّدّيقِ رضي الله عنه..

ولقد كان ثابتُ بنُ قيسٍ إذ ذاكَ أميراً لجُند الأنصارِ، وسالمٌ مولى أبي حُذيفةَ أميراً لجُند المهاجرين، وخالدُ بنُ الوليدِ قائداً للجيش كله: أنصاره ومهاجريه ومن فيه من أبناءِ البوادي...

ولقد كانتِ الريح ( القوة )، والدّولة في جُلّ المعارك لمُسيلمة ورجاله على جيوش المسلمين ( الدولة: النصر والغلب )، حتى بلغَ بهم الأمرُ أن اقتحموا فسطاط ( خيمة ) خالدِ بن الوليدِ، وهموا بقتلِ زوجتهِ أمِّ تميمٍ، وقطعوا حبال الفسطاط ومزقوه شرَّ ممزقٍ.

فرأى ثابتُ بنُ قيسٍ يومذاكَ مع تضعضع المسلمين ما شحنَ قلبه ( ملأ ) أسىً وكمداً، وسمع من تنابُزهم ( التعاير، وتنابز القوم عيّر بعضهم بعضا ) ما ملأ صدره هماً وغماً...

فأبناء المُدنِ يرمونَ أهلَ البوادِي بالجُبن، وأهلِ البوادي يصفونَ أبناء المُدنِ بأنهم لا يحسنُونَ القتالَ ولا يدرون ما الحربُ...

عندَ ذلك تحنَّط ( وضع الحنوط على جسده، والحنوط نبات يذر على جسد الميت، وتحنطه إشارة إلى استعداد للموت ) ثابتٌ وتكفنَ ووقفَ على رؤوسِ الأشهادِ وقال: يا مَعشرَ المسلمينَ، ما هكذا كنا نقاتلُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بئسَ ما عَودتم أعداءَكم من الجُرأة عليكم....

وبئسَ ما عودتم أنفسكم من الانخِذال لهم....

ثم رفعَ طرفَه إلى السماءِ وقال: اللهم إني أبرأ إليك مِما جاءَ به هؤلاء من الشّرك (يعني مسيلمة وقومه). وأبرأ إليك مما يصنعُ هؤلاءِ (يعني المسلمين).

ثم هبَّ هبةَ الأسدِ الضارِي كتفاً لكتفٍ مع الغرِّ الميامين: البراءِ بن مالك الأنصاري... وزيدِ بنِ الخطابِ أخي أميرِ المؤمنين عُمر بنِ الخطابِ.. وسالمٍ مولى أبي حُذيفة.. وغيرهم وغيرهم من المؤمنين السَّابقين..

وأبلى بلاءً عظيماً ملأ قلوبَ المسلمينَ حَميّةً وعزماً، وشحنَ أفئدةَ المشركين وهناُ ورعباُ.

وما زال يُجالدُ في كلِّ اتجاهٍ، ويُضاربُ بكلِّ سلاحٍ حتى أثخنته ( أوهنته وأضعفته ) الجراح؛ فخَرّ صريعاً على أرضِ المعركةِ قريرَ العين ( سعيد مغتبط ) بما كتبَ الله له من الشهادة التي بشرَه بها حبيبهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، مثلوجَ الصدرِ بِما حقّقَ الله على يديهِ للمسلمين من النصرِ..

* * *

- وكانت على ثابتٍ دِرعٌ نفيسةٌ، فمرَّ به رجلٌ من المسلمين، فنزعها عنهُ، وأخذها لنفِسه.

وفي الليلةِ التالية لاستِشهاده رآه رجُلٌ من المسلمين في منامِه فقال للرجل: أنا ثابتُ بنُ قيسٍ، فهل عرفتني؟

قال: نعم.

فقال: إني أوصيك بوصيّة، فإياك أن تقول هذا حُلمٌ فتضيّعها...

إني لما قتلتُ بالأمسِ مرَّ بي رجلٌ من المُسلمين صفتُه كذا وكذا؛ فأخذَ درعي ومضى بها نحو خبائِه ( خيمته ) وفي أقصى المُعسكرِ من الجهة الفلانية، ووضعها تَحت قِدرٍ له، ووضع فوقَ القدرَ رَحلاً ( ما يوضع فوق ظهر البعير ونحوه ويرحل عليه )، فائتِ خالدَ بنَ الوليد، وقل له: أن يبعثَ إلى الرجُلِ من يأخذ الدرعَ منه فهي ما تزالُ في مكانها...

وأوصيكَ بأخرى، فإياكَ أن تقول هذا حلم نائم فتضيعها...

قُل لخالدٍ: إذا قدِمتَ على خليفةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينةِ فقل له: إنّ على ثابت بن قيسٍ من الدّينِ كذا وكذا... وإنّ فلاناً وفلاناً من رقيقه ( عبيده ) عتيقان ( معتوقان محرران ) فليقضِ ديني وليُحرر غُلاميَّ...

فاستيقظ الرجُلُ، فأتى خالدَ بنَ الوليدِ فأخبرهُ بما سمعَ وما رأى..

فبعثَ خالدٌ من يُحضرُ الدرع من عندِ آخذها فوجدها في مكانها وجاءَ بها كما هي.

ولما عادَ خالدٌ إلى المدينةِ حدّثَ أبا بكر رضي الله عنه بِخبرِ ثابتِ بن قيسٍ ووصيته فأجازَ الصّدّيقُ وصيته.

وما عُرفَ أحدٌ قبله ولا بعدَه أجِيزت وصيته بعدَ موتهِ سواه...

رضي الله عن ثابت بن قيسٍ وأرضاه، وجعلَ في أعلى عليِّينَ مَثواه.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: حبيب بن زيد الأنصاري رضي الله عنه   هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالجمعة ديسمبر 31, 2010 11:32 pm



هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Sahaba25



* في بيتٍ تتضوَّعُ طيوبُ الإيمان ( تنتشر طيوب الإيمان ) في كلّ ركنٍ من أركانِه...

وتلوح صورُ التضحيةِ والفداء على جبينِ كلِّ ساكنٍ من سكانه...

نشأ حبيبُ بن زيدٍ الأنصاريّ ودرجَ.

* * *

- فأبوه هو زيدُ بن عاصمٍ طليعة المسلمين في يثرب، وأحدُ السبعين الذين شهدوا العقبة ( موضع في منى بايع فيه المسلمون الأولون من الأنصار النبي عليه الصلاة والسلام ) وشدّوا على يدي رسول الله مُبايعين، ومعه زوجته وولداه.

وأمُّه هي أمُّ عمارة نسيبة المازِنية أولُ امرأةٍ حملت السلاحَ دفاعاً عن دينِ الله، وذياداً عن محمدٍ رسول الله.

وأخوه هو عبدُ الله بن زيدٍ الذي جعلَ نحره دونَ نحر النبي ( النحر: أعلى الصدر، وجعل نحره دون نحر النبي: أي جعل نفسه فداء له ) وصَدره دون صدرِه يوم أحُدٍ...

* * *

- حتى قال فيهم الرسولُ صلوات الله وسلامه عليه: ( باركَ الله عليكم من أهلِ بيتٍ... رحمكمُ الله من أهل بيت ).

نفذ النورُ الإلهيُّ ( أي الإيمان ) إلى قلب حبيبِ بن زيدٍ وهو غضٌّ طريٌ، فاستقرَّ وتمكن منه.

وكُتبَ له أن يمضيَ مع أمه وأبيه وخالته وأخيه إلى مَكة ليُسهم مع النفرِ السبعين من الغرِّ ( جمع أغر وهو الكريم الأفعال ) الميامين في صنع تاريخِ الإسلام؛ حيث مدَّ يدهُ الصغيرة وبايعَ رسولَ الله تحت جُنح الظلام بيعة العقبة.

ومنذ ذلك اليوم غدا رسولُ الله صلوات الله وسلامُه عليه أحبَّ إليه من أمِّه وأبيه....

وأصبحَ الإسلامُ أغلى عنده من نفسه التي بين جنبيه...

* * *

- لم يَشهد حبيبُ بن زيدٍ بدراً، لأنه كان يومئذ صغيراً جداً.

ولم يُكتب له شرفُ الإسهام في أحدٍ، لأنه كان ما يزالُ دون حملِ السلاح...

لكنه شهدَ بعد ذلك المشاهدَ كلها مع رسول الله، فكان له في كل منها راية عزّ... وصحيفة مجد... وموقفُ فداء...

غير أنَّ هذه المشاهدَ على عظمتها وروعتها لم تكن في حقيقتها سِوى إعدادٍ ضخمٍ للموقف الكبير الذي سنسوق لك حديثه، والذي سيهُزّ ضميرك في عُنفٍ كما هز ضمائرَ ملايين المسلمين مُنذ عصر النبوةِ وإلى يومنا الذي نحن فيه.

والذي ستروعُك قصته كما راعتهُم على مرِّ العصور.

فتعال نستمِع إلى هذه القِصة العنيفة من بدايتها.

* * *

- في السنة التاسعة للهجرةِ كان الإسلامُ قد صلبَ عودُه ( قوي واشتد )، وقويتْ شوكتهُ ورسختْ دعائِمه، فطفِقت وفودُ العرب تشدُّ الرحالَ من أنحاءِ الجزيرة إلى يثربَ للقاءِ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وإعلانِ إسلامِها بين يَديه، ومبايعتهِ على السّمع والطاعة.

وكان في جُملة هذه الوفودِ وفدُ بني حنيفة القادمُ من أعالي نجدٍ.

* * *

- أناخَ الوفدُ جماله في حواشي ( أطراف ) مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلّفَ على رحاله ( ترك عند متاعه ) رجلاً منه يدعى مُسيلمة بن حبيبِ الحنفي، ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأعلنَ إسلامه وإسلام قومه بين يديه؛ فأكرم الرسولُ صلوات الله وسلامه عليه وَفادتهُم ( أكرم قدومهم عليه وأحسن ضيافتهم )، وأمر لكلٍ منهم بعطيةٍ وأمر لصاحبهم الذي خلفوه في رحالهم بمثلِ ما أمر لهم به.

* * *

- لم يكد يبلغُ الوفدُ منازله في نجدٍ حتى ارتدَّ مُسيلمة بن حبيبٍ عن الإسلام، وقام في الناسِ يُعلن لهم: أنه نبيٌ مرسلٌ أرسله الله إلى بني حنيفة كما أرسل محمد بن عبد الله إلى قريش....

فطفقَ قومُه يلتفون حوله مدفوعين إلى ذلك بِدوافعَ شتى كان أهمّها العصبِية ( شدة ارتباط المرء بعصبيته وانحيازه لها )؛ حتى إن رجلاً من رجالاتهم قال: أشهدُ أن محمداً لصادقٌ وأنّ مسيلمة لكذابٌ؛ ولكنّ كذاب ربيعة ( قبيلة كبيرة من قبائل العرب ينتمي إليها مسيلمة ) أحبُّ إلي من صادقِ مُضر( قبيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

* * *

- ولما قويَ ساعدُ مُسيلمة وغلظ أمره ( اشتد أمره وكثر أتباعه ) كتبَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً جاء فيه: من مُسيلمة رسول الله إلى محمدٍ رسول الله، سلامٌ عليك.

أما بعد فإني قد أشرِكتُ في الأمرِ معك، وإن لنا نصفَ الأرضِ ولقريشٍ نصف الأرض، ولكن قريشاً قومٌ يعتدون.

وبعثَ الكتاب مع رجُلين من رجاله فلما قرئ الكتابُ للنبيِّ عليه الصلاة والسلام قال للرجلين: ( وما تقولان أنتما؟! ).

فأجابا: نقولُ كما قال.

فقال لهما: ( أمَا والله لولا أنَّ الرسلَ لا تقتلُ لضربتُ عنقيكما )، ثم كتب إلى مُسيلمة رسالةً جاء فيها: ( بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ رسول الله إلى مسيلمة الكذابِ. السلامُ على من اتبع الهُدى، أما بعدُ فإنَّ الأرض لله يُورثها من يشاء من عبادِه والعاقبة للمُتقين ).

وبعث الرسالة مع الرجلين.

* * *

- ازدادَ شرُّ مسيلمة الكذاب واستشرى فساده ( انتشروا وازداد )، فرأى الرسول صلوات الله عليه أن يبعثَ إليه برسالةٍ يزجُره فيها عن غيِّة ( ينهاه عن ضلالة ) وندبَ لحمل الرسالة بطل قصتنا حبيبَ بن زيد.

وكان يومئذٍ شاباً ناضر الشبابِ مُكتمل الفتاء ( الفتوة ) مُؤمناً من قمة رأسه إلى أخمصِ قدميه.

* * *

- مضى حبيبُ بن زيدٍ إلى ما أمرَه رسول الله صلى الله عليه وسلم غير وانٍ ( غير فاتر ولا ضعيف ) ولا متريِّثٍ ( متمهل ) ترفعهُ النجادُ ( جمع نجد، وهو المكان المرتفع ) وتحطه الوهادُ ( جمع وهد وهو المكان المنخفض ) حتى بلغ ديارَ بني حنيفة في أعالي نجدٍ، ودفع الرسالة إلى مسيلمة.

فما كاد مسيلمة يقفُ على ما جاء فيها حتى انتفخَ صدرُه ضغينة وحقداً، وبدا الشرُّ والغدرُ على قسمات وجهه ( ملامحه ) الدميم الأصفر، وأمر بحبيب بن زيدٍ أن يُقيدَ، وأن يؤتى به إليه ضُحى اليوم التالي.

فلما كانَ الغدُ تصدر مُسيلمة مجلسهُ، وجعل عن يمينه وعن شماله الطواغيتَ ( جمع طاغوت، وهو رأس الضلال والمعبود من دون الله ) من كبارِ أتباعه، وأذنَ للعامة بالدخولَ عليه، ثم أمر بحبيب بن زيدٍ فجيء به إليه وهو يرسفُ في قيوده ( يمشي بها ببطء لثقلها ).

* * *

- وقف حبيبُ بن زيدٍ وسط هذه الجموعِ الحاشدة الحاقدة مشدودَ القامة، مرفوعَ الهامةِ، شامخَ الأنف، وانتصبَ بينها كرُمحٍ سمهريٍّ ( الرمح الصلب ) أحكمَ المثقفون ( مقوموها ومعدلوها ) تقويمه.

فالتفت إليه مسيلمة وقال: أتشهدُ أن محمداً رسول الله؟

فقال: نعم أشهدُ أن محمداً رسول الله.

فتميزَ مسيلمة غيظا ً( تقطع بسبب الغيظ ) وقال: وتشهدُ أني رسول الله؟

فقال حبيب في سُخريةٍ لاذعةٍ: إن في أذنيَّ صمماَ عن سماع ما تقول.

فامتقع وجهُ مسيلمة ( تغير لون وجهه ) وارتجفَت شفتاه حنقاً ( غيظاً ) وقال لجلاده: اقطع قطعة من جسده.

فأهوى الجلادُ على حبيبٍ بسيفه وبتر قطعة من جسده فتدحرجت على الأرض...

ثم أعاد مسيلمة عليه السؤال نفسه: أتشهدُ أن محمداً رسول الله.؟

قال: نعم أشهدُ أن محمداً رسول الله.

قال: وتشهدُ أني رسول الله؟

قال: قلت لك: إنَّ في أذنيَّ صمماً عن سماعِ ما تقول.

فأمر بأن تقطعَ من جسده قطعة أخرى فقطعت وتدحرجتْ على الأرض حتى استوت ( استقرت ) إلى جانب أختها، والناسُ شاخصون بأبصارهم إليه ( رافعون أبصارهم إليه ) مذهولون من تَصميمِه وعنادِه.

ومضى مسيلمة يسألُ، والجلادُ يقطعُ، وحبيبٌ يقول: أشهدُ أن محمداً رسول الله.

حتى صار نحوٌ من نصفه بضعاً ( جمع بضعة، وهي القطعة ) مُقطعة منثورة على الأرض... ونصفه الأخر كتلة تتكلم...

ثم فاضت روحُه، وعلى شفتيه الطاهرتينِ اسمُ النبي الذي بايعهُ ليلة العقبة...

اسمُ محمدٍ رسول الله...

* * *

- نعى الناعي حبيبَ بن زيدٍ إلى أمه نسيبة المازنية فما زادتْ على أن قالت: من أجل مثلِ هذا الموقف أعددته... وعند الله احتسبته... لقد بايعَ الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة ( ليلة بيعة العقبة ) صغيراً... ووفى له اليومَ كبيراً... ولئن أمكنني الله من مُسيلمة لأجعلن بناته يلطِمن الخدود عليه...

* * *

- لم يبطء اليومُ الذي تمنته نسيبة كثيراً...

حيث أذن مؤذنُ أبي بكر في المدينةِ أن حيَّ على قتال المتنبئ الكذابِ مُسيلمة...

فمضى المسلمون يَحثون الخطى إلى لقائِه، وكان في الجيشِ نسيبة المازنية وولدُها عبد الله بنُ زيد.

وفي يومِ اليمامة الأغرِّ شوهدت نسيبة تشقُ الصفوفَ كاللبؤة ( أنثى الأسد ) الثائرةِ وهي تنادي: أين عدوُّ الله ؟ دُلوني على عدوِّ الله...

فلما انتهت إليه وجدته مُجدلا على الأرضِ ( ملقى على الأرض ) وسيوفُ المسلمينَ تنهلُ من دمائه؛ فطابت نفساً...

وقرَّت عينا...

ولم لا؟!

ألم ينتقم اللهُ عزَ وجلَ لفتاها البرِّ التقي من قاتله الباغي الشقي؟!

بلى ...

لقد مضى كلٌ منهما إلى ربه ولكن...

فريقٌ في الجنة....

وفريقٌ في السَّعير...



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: الطفيل بن عمرو الدوسي الشهيد وأبو الشهيد   هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالجمعة ديسمبر 31, 2010 11:37 pm


هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Sahaba02


* الطُّفَيل بن عمرو الدوسيُّ سيد قبيلةِ دوسٍ في الجاهليةِ ، وشريفٌ من أشرافِ العرب المرموقين ، و واحدٌ من أصحابِ المروءاتِ المعدودين ....

- لاتنزِلُ له قِدر عن نار ، ولا يُوصَدُ له باب أمامَ طارق ... يُطعِمُ الجائِعَ ، ويُؤمِّنُ الخائِفَ ، ويُجيرُ المُستَجيرَ.

- وهو إلى ذلكَ أديبٌ أريبٌ لبيبٌ - أريب لبيب: ذكي فطن - ، وشاعرٌ مُرهَفُ الحِسِّ ، رقيقُ الشُعور ، بصيرٌ بحلو البيانِ ومُرِّهِ ... حيث تفعلُ فيع الكَلِمةُ فِعلَ السِّحر.

* * *

- غادر الطفيلُ منازِل قومِهِ في تهامة متوجهاً إلى مكَّة ، ورَحَى الصِّراع دائرةٌ بين الرسولِ الكريمِ صَلواتُ الله عليه وكُفّار قُريشٍ ، كُلٌّ يُريد أن يكسب لنفسِه الأنصار ، ويجتذِب لحِزبِه الأعوان ...فالرسُولُ صلواتُ الله وسلامُه عليه يدعو لربِّه وسِلاحُه الإيمانُ والحق ، وكُفارُ قُريشٍ يقاومون دعوتَه بِكلِّ سلاحٍ ، ويصُدُّون الناس عنه بكلِّ وسيلةٍ.

- ووجد الطفيلُ نفسَهُ يدخُلُ في هذه المعركة غير أُهبةٍ ، ويخوضُ غِمارها عن غيرِ قَصدٍ ....

فَهو لم يقدَم إلى مكة لهذا الغرضِ ، ولا خَطر له أمرُ محمدٍ وقُريش قبل ذلك على بال.

ومن هنا كانت للطُفيل بن عمرو الّدوسي مع هذا الصراع حِكاية لا تُنسى ؛ فلنستمِع إليها فإنها من غرائب القصص.

- حدّث الطُفيل قال: قدِمتُ مكّة ، فما إن رآني سادة قُريش حتى أقبلوا علي فرحبوا بي أكرم ترحيبٍ ، وأنزلوني فيهم أعز منزل.

- ثمّ اجتمع إلىّ سادتهُم وكبرائهم وقالوا: ياطفيلُ ، إنّك قد قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي قد افسد أمرنا ومزّق شملنا ، وشتّت جماعتنا ، ونحن إنما نخشى أن يَحل بك وبزعامتك في قومك ماقد حلَ بِنا ، فلا تُكَلِّم الرجل ، ولا تسمعنّ منه شيئا فإن له قولاً كالسحر ، يفرق بين الولد وأبيه ، وبين الأخ وأخيه ، وبين الزوجة وزوجها.

* * *

- قال الطفيل: فوالله مازالو بي يقصٌّون عليَّ من غرائب أخباره ويخوفونني على نفسي وقومي بعجائب أفعاله حتى أجمعت أمري على ألا أقترِبَ منه ، وألا أكلمه أو أسمع منه شيئاً.

ولمّا غدوتُ إلى المسجد للطواف بالكعبة ، والتبرك بأصنامها التي كنا إليها نحُجُّ وإياها نعظِّم ، حشوت في أذني قطناً خوفا من أن يلامس سمعي شيء من قول محمد.

- لكنت ما إن دخلت المسجِد حتى وجدته قائما يصلي عند الكعبة صلاة غيرَ صلاتنا ، ويتعبد عبادة غير عبادتناً ، فأسرني منظره ، وهزتني عبادته ، ووجدت نفسي أدنو منه ، شيئا فشيئا على غير قصد مني حتى أصبحت قريبا منه....

وأبى والله إلا أن يصل إلى سمعي بعض مما يقول ، فسمعت كلاما حسناَ ، وقلت في نفسي: ثُكِلَتكَ أُمّك يا طُفيل ... إنّك لرجلٌ لبيب شاعر ، وما يخفى عليك الحَسنُ من القبيحِ ، فما يمنعك أن تسمعَ من الرجلِ مايقولُ ... فإن كان الذي يأتي به حسناً ، وإن كان قبيحا تركته.

- قال الطفيل: ثم مكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته ، فتبعته حتى إذا دخل داره دخلت عليه ، فقلت: يامحمّد ، إن قومَك قد قالو لي عنك كذا وكذا وكذا ، فوالله مابِرحوا يخوفونني من أمرك حتّى سددتُ أذُنيّ بقُطنٍ لِئلا أسمع قولك ، ثم أبى الله إلا أن يسمعني شيئا منه ، فوجدته حسناً فاعرض عليّ أمرَك.

فَعَرَض عليّ أمره ، وقرأ لي سورةَ الإِخلاصِ والفلق ، فوالله ما سمِعتُ قولاَ أحسن من قولِه ، ولا رأيتُ أمراً أعدَل من أمره.

عِندَ ذلك بسطتُ يدي له ، وشَهِدتُ أن لا إله إلا الله وأنَّ مُحمّداً رسولُ الله ، ودخَلتُ في الإسلام.

* * *

- قال الطفيل ثم أقمت في مكّة زمناً تعلّمت فيه أُمور الإسلام وحفِظتُ فيهِ ماتيسر من القرآنِ ، ولما عزمت على العودة إلى قومي قُلت: يارسولَ الله إني امرؤٌ مُطاعٌ في عشيرتي ، وأنا راجِعٌ إليهم وداعيهم إلى الإسلام ، فادعُ الله أن يجعَل لي آيةً تكون عوناً فيما أدعوهم إليه فقال عليه الصلاة والسلام: ( اللّهُمّ اجعل له آية ).

- فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت في موضعٍ مشرفٍ على منازلِهم وقَع نورٌ فيما بين عيني مِثلٌ المِصباح ، فقُلت: اللّهُم اجعله في غير وجهي ، فإني أخشى أن يظُنُّوا أنّه عقوبة وقعت في وجهي لمفارَقَةِ دينهم ....

فتحوّل النور فوقع في رأس سَوطِي ( السوط: مايضرب به من جِلدٍ مضفورٍ ونحوه ) كالقنديلِ المُعَلّق ، وأنا أهبطُ إليهم من الثنِيّة ( الثنية: العَقبَة ) ، فلما نزلتُ أتاني أبي - وكان شيخا كبيرا - فقلت: إليك عني يا أبتَ ، فلستُ منك ولست مني.

قال: ولِم يابُنيَّ ؟!

قلت: لقد أسلمت وتابعت دين محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

قال: أي بُنيَّ ديني دينُك ،فقلت: اذهب واغتَسِل وطَهِّر ثيابَك ، ثُمّ تعالَ أُعلّمك ماعُلّمتُ.

فذهب فاغتَسلَ وطهّرَ ثِيابَه ، ثُمّ جاء فعرضتُ عليهِ الإسلام فأسلم.

ثُمّ جاءت زوجتي ، فقلت: إليكِ عنّي فلستُ منك ولستِ منِّي .

قالت: ولِمَ !! بأبي أنتَ وأُمِّي ، فقلت: فرَّق بيني وبينك الإسلامُ ، فقد أسلمت وتابعت دين محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

قالت: فديني دينُك ، قلت: فاذهبي وتطهري من ماءِ ذي الشَّرى - وذو الشَّرى صنمٌ لدَوسِ حولَهُ ماءٌ يهبِط من الجبل - فقالت: بأبي أنت وأُمِّي أتخشَى على الصِِّبْيَةِ شيْئاً مِن ذي الشَّرى ؟!

فقلت: تباً لكِ ولذي الشَّرى ... قُلتُ لكِ اذهَبي واغتسلي هناك بعيداً عن النـاس ، وأنا ضامنٌ لكِ ألاَّ يفعل هذا الحجرُ الأصمُّ شيئاً.

فذَهبَتْ فاغتَسلتْ ، ثُمّ جاءت فعرضْتُ عليها الإسلام فأسـلمت.

ثم دعوتُ دوساً فأبطؤوا عليّ إلأ أبا هُريرَة فقد كان أسَرَعَ النَّـاس إسلاماً.

* * *

- قال الطفيلُ: فجِئتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمكَّة ، ومعي أبو هريرة فقال لي النّبي عليه الصلاة والسلام : ( ماوراءك يا طفيلُ ؟ ).

فقلت: قلوبٌ أكِنّة ( أكنّة: ستور تمنعُها من رؤية الحق ) وكفر شديد ... لقد غلَب على دوسٍ الفُسوق والعِصيـان ....

- فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ وصلّى ورفع يده إلى السمـاء ، قال أبو هريرة لما رأيته كذلك خفتُ أن يدعوَ على قومي فيهلكوا ...

فقلت: واقوماه ...

لكن الرسول صلوات الله عليه جعل يقول: ( اللَّهُمَّ اهْدِ دوساً ... اللَّهُمَّ اهْدِ دوساً ... اللَّهُمَّ اهْدِ دوساً ...).

ثم التفت إلى الطفيل وقال: ( ارجع إلى قومك وارفق بهم وادعُهُم إلى الإسلام ).

قال الطفيلُ: فلم أزل بأرضِ دوس أدعوهم إلى الإسلام حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى المدينة ، ومَضَت بدْرٌ وأُحدٌ والخنْدَق ، فقدمت على النبي ومعي ثمانون بيتا من دوْسِ أسلموا وحسنَ إسلامُهُم فسُرّ بِنـا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، وأسهم لنا مع المسلمين في غنائِم خَيْبرَ فقلنا: يارسول الله: اجعلنا مَيمنتَك في كلّ غزوةٍ تغزوها واجعل شعارنـا (( مَبْرُور )) .

- قال الطفيل: ثم لم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى فتحَ الله عليه مكَّة فقُلت: يارسول الله ، ابعثني إلى (( ذي الكفَين )) صنَمِ عمرو بن حـمَـمَةَ حتّى أحرِقٌه ... فأذن له النبي عليه الصلاة والسلام ، فسار إلى الصّتم في سريّة من قومه..

فلمـا بلَغَه ، وهَمّ بإحراقِه اجتمع حولَه النـسـاء والرِجال والأطـفـال يتربّصون به الشَّر ، وينتظرون أن تصعقه صاعـقة إن هُو نـال ((ذا الكفين )) بضُرٍّ.

لكنّ الطفيل أقبل على الصنم على مَشْهَدٍ من عُبَّادِه ... وجعل يُضرم النار في فُؤاده ... وهو يرتَجِز:

يــا ذا الكفين لست من عُبَّــأدكـــا

مــيلادُنـــا أقــدمُ مِن ميــلادِكـــا

إنِّي حــشَوْتُ الــنـــار في فُؤادكـــا

وما أن التهمت النار الصنم حّتى التَهمت معها ماتبقّى من الشِّرك في دَوس ؛ فأسلم القوم جميعا وحسن إسلامهم.

* * *

- ظلَّ الطفيلُ بن عمرو الدوسيُّ بعد ذلك ملازمـا لرسول الله صلوات الله عليه ، حتّى قُبِض النبي إلى جـوار ربِّـه.

ولما نَشبت حروب الرّدّةِ نفر الطفيل في طليعة جيش المُسلِمين لحرْبِ مُسيلمة الكّذاب وعمه ابنه عمرو.

وفيمـا هو في طريقه إلى الـيمامة رأى رُؤيـا ، فقال لأصحابـه:

إنّي رأيتُ رؤيـا فَعبِّروها لي.

فقالوا: ومارأيت ؟

قال: رأيت أن رأسي قد حُلِق ، وأنّ طائراً قد خرجَ من فمي ، وأن امرأة أدخلتني في بطنها ، وأن ابني عمراً جعل يطلُبُني حثيثاً لكنّهُ حيل بيني وبينه.

فقالوا: خيراً ....

فقال: أما أنا –والله – لقد أوّلتُهـا:

أما حلْقُ رأسي فذلك أن يُقطَعُ ... وأما الطائر الذي خرج من فمي فهو روحي ... وأما المرأة التي أدخلتني في بطنها فهي الأرض تُحفَرُ لي فأُدفَنُ في جوفِهـا .. وإنِّي لأرجو أن أُقتَل شهِيداً.

وأما طلبُ ابني لي فيعني أنّه يطلُب الشَّهـادة التي سأحظَى بها إذا أذن الله لكنَّه يدركُها فيمـا بعد.

* * *

- وفي معركة اليمامة أبلى الصُحـابيُّ الجليلُ الطفيلُ ابنُ عمرو الدوسيُّ أعظَم البلاءً ، حتّى خرّ صريعا شهيـدا على أرض المعركة.

وأما ابنه عمرو فما زال يُقاتِل حتّى أثْخَنتْه الجِراحُ - أثخنته أي أضعفته وأوهنت قواه – وقُطِعَت يدُه اليُمنى فعـاد إلى المدينة مخلفاً على أرضِ اليمامةِ أباهُ وَ يدَه.

* * *

- وفي خلافة عمر بن الخطّاب ، دخل عليه عمرو بن الطفيل ، فأُتِىَ للفاروق بطعام ، والناس جلوسٌ عنده ، فدعا القوم إلى طعامِه ، فتنحَّى عمرو عنـه ، فقال له الفـاروق: مالك ؟! لعلّك تأخرت عن الطعـام خجَلاً من يدِك ..

قال: أجل يا أمير المؤمنين.

قال: والله لا أذوق هذا الطعام حتى تخلِطَه بِيدِك المقطوعة ... والله ما في القوم أحدٌ بعضُه في الجنّة إلا أنتَ ، يُريدُ بذلك يدِه.

* * *

- ظلّ حلم الشهادة يلُوحُ ( يلوح: يتراءى ) لعمرو ومنذ فارق أباه ، فلما كانت معركة اليرموك بادر إليها عمرو مع المُبادِرين ومازال يقاتل حتى أدرك الشهادة التي منَّاه بها أبوه.

* * *

- رحِم الله الطفيل بن عمرو الدوسيّ ؛ فهو الشهيد وأبو الشهيد.




عدل سابقا من قبل أملي الفردوس في الجمعة ديسمبر 31, 2010 11:46 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: خباب بن الأرت رضي الله عنه   هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالجمعة ديسمبر 31, 2010 11:43 pm


هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Sahaba10


* مضت أمُّ أنمارٍ الخُزَاعِيَّةُ إلى سوقِ النخَّاسين ( النخاسون: بائعوا العبيد والمفرد نخاس ) في مكَّةَ.

فقد كانت تُريدُ أَن تَبتَاع لنفسِهَا غلاماً تنتفعُ بِخِدمتَه, وتَستَثمِرُ عملَ يده.

وطفِقَت تتفرَّسُ في وجوهِ ( تتأمل في وجوه العبيد ) العبيدِ المعروضين للبيعِ, فوقع اختيارُها على صَبيّ لم يَبلُغِ الحُلُمَ؛ رأت في صِحَّةِ جَسَدِهِ, ومَخايِلِ ( علامات الذكاء ) النَّجَابةِ الباديَةِ على وجهه, ما أغراها بِشرائِه, فدَفَعَت ثمنَه وانطلقَت به.

وفيما هما في بَعضِ الطريقِ التَفَتت أُمُّ أنمارٍ إلى الصَّبِّي وقالت: ما اسمُك يا غلام ؟

قال: خَبّاب.

فقالت: وما اسمُ أبيك ؟

قال: الأَرَتُّ.

فقالت: ومن أين أنت ؟

قال: من نجد.

فقالت: إذن أنت عربي!!

قال: من بني تميم.

قالت: وما الذي أوصَلَكَ إلى أيدِي النخاسين في مكة ؟!!!

قال: أغارَت على حَيِّنا قبيلةٌ من قبائِلِ العَرَبِ, فاستاقَتِ الأنعامَ وسَبَتِ النِّساءَ, وأخذتِ الذراريَ, وكنتُ فيمن أُخِذَ من الغِلمانِ, ثم ما زالَت تَتَداولُنِي ( انتقل من يد إلى أخرى ) الأيدي حَتّى جيءَ بي إلى مكةَ, وصِرتُ في يَدِك.

دفعت أم أنمارٍ غلامَها إلى قَينٍ ( الحداد وجمعه القيون ) من قُيونِ مكَّةَ لِيُعلِّمَه صناعةَ السُّيوف, فما أسرَع أن حَذقَ ( أتقن الصنعة ) الغُلامُ الصنعة وَتَمكَّنَ منها أحَسنَ تَمَكُّنٍ.

ولَمّا اشتدَّ ساعِدُ خَبّاب وصَلُبَ عودُه ( كنايتان عن قوته ) استأجرت له أمُّ أنمارٍ دكَّاناً واشتَرَت له عُدَّةً وجَعَلت تَستَثمِرُ مهارَتَه في صُنعِ السيوف.

* * *

- لم يمض غيرُ قليل على خبابٍ حتى شُهِر في مَكَّةَ وجَعَلَ الناسُ يُقبلون على شراءِ سُيوفِه لِما كان يَتَحلّى به من الأمَانَةِ والصدقِ وإتقانِ الصًّنعَةِ.

* * *

- وقد كان خبّابٌ على الرُّغمِ من فَتَائه يَتَحلّى بعقل الكَلمَلَةِ ( الكاملون ), وحِكمةِ الشيوخ...

وكان إذا ما فَزَعَ من عَمَلِه وخَلا إلى نَفسِه كَثيراً ما يُفَكِّرُ في هذا المُجتَمَعِ الجاهِليِّ الذي غَرِقَ في الفَسادِ من أَخمَصِ ( أسفل قدميه ) قدميه إلى قِمةِ رأسه.

ويهولُه ما رانَ ( غطى ) على حياةِ العربِ من جَهالةً جَهلاءَ, وضلالَةٍ عَميَاءَ, كَانَ هو نفسُه أحَدَ ضَحايَاها ....

وكان يقول: لا بُدَّ لهذا الليلِ من آخر ....

وكان يَتَمنّى أنْ تمتدَّ بِه الحياةُ لِيرَى بعينيه مَصْرَعَ الظلامِ ومَولِدَ النورِ.

* * *

- لم يَطُل انتظارُ خَبَّابٍ كثيراً فقد تَرامَى إليه خيطاً من نورٍ قد تألَّق من فمِ فتىً من فِتيانِ بني هاشم يدعَى محمدَ بنَ عبدِ اللهِ.

فَمَضى إليه, وسَمِعَ منه ، فَبَهرهُ لأْلاؤه, وغَمرَه سناه.

فَبَسَطَ يَدَه إليه وشَهِدَ أنْ لا الهَ إلّا الله وأن مُحَمَّداً عبدُه رسولُه.

فكان سادِسَ سِتَّةٍ أسلموا على ظهرِ الأرضِ حَتّى قيل: مَضى على خَبّابٍ وقتُ وهو سُدُسُ الإسلامِ ....

* * *

- لم يكتُم خبّابٌ إسلامَه عن أحدٍ, فما لَبِثَ أن بلغَ خَبَرهُ أمَّ أَنمارٍ, فاستَشاطَت غَضَباً وغيظاً, وَصَبحت أخاها سباعَ بنَ عبدِ العُزَّى, ولَحِقَ بهما جماعَةٌ من فِتيانِ خُزاعَةَ, ومضوا جميعاً إلى خَبّابٍ فوجده مُنهَمكِاً في عَملِهِ ...

فأَقبَل عليهِ سِباعٌ وقال: لقد بَلَغَنَا عنك نَبآٌ لم نُصَدّقه.

فقال خبابٌ: وما هو؟

فقال سِباعٌ: يُشاعُ أَنَّك صَبأتَ ( كفرت وخرجت عن دينك ) وتَبِعت غُلامَ بني هاشم.

فقال خبابُ ( في هدوء ): ما صَبَأتُ, وإنّما آمنتُ باللهِ وحدَه لا شريك له ...

وَنَبذتُ أصنامكم ( طرحت أصنامكم ) وشَهِدتُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه ....

فما إنْ لامَسَت كلماتُ خَبابٍ مَسامِعَ "سِبَاعٍ " ومن مَعَه حتّى انهالوا عليه, وجَعَلوا يضربونَه بأيديهم, ويَركُلونَه بأقدامهم ويَقذِفونَه بما يَصِلون إليه من المطارِق وقطع الحديد ..

حتى هَوى إلى الأرضِ فاقِدَ الوعي والدِّماءُ تنزِفُ منه ...

سَرى في مَكَّةَ خبرُ ما جَرى بينَ خَبّابٍ وسَيدتِه سريانَ النار في الهَشِيمِ ( النبات اليابس )!!!!

وذَهَلَ الناسُ من جَراءة خَبابٍ إذ لم يكونوا قد سَمِعُوا ( من قبلُ ) أنَّ أحَداً اتَّبَعَ محمداً ووقف بينَ الناس يُعلِن إسلامَه بمثل هذه الصّراحَةِ والتحِدّي.

واهتَزَّ شيوخُ قريشٍ لأمر خَبابٍ ... فما كان يخطر على بالِهم أن قِيناً كقين أمِّ أنمارٍ لا عَشيرَةَ له تَحميه ولا عَصبِيَّة تَمنعُه وتُؤويه تَصِل به الجُرأة إلى أَن يَخرُج على سُلطانِها ويَجهرَ بِسَبِّ آلِهتِها ويُسِفه دينَ آبائها وأجدادها.... وأَيقنت أن هذا يِومٌ له ما بَعدَه ...

ولم تَكن قريشٌ على خطأ فيما تَوقَّعتهُ, فلقد أَغرَت جُرأةُ خبّاٍب كثيراً من أصحابهِ بأن يُعلِنوا إسلامَهم, فطَفِقوا يَصدَعون ( يجرون ويعلنون ) بكلمةِ الحقِّ واحداً بعد آخَر ...

* * *

- اِجتمع سادَةُ قريش عند الكعبةِ, وعلى رأسِهم أبو سفيانَ بنُ حربٍ, والوليدُ بنُ المغيرَةَ, وأبو جهل بنُ هشامٍ وتذاكروا في شأنِ محمدٍ, فرأَوا أن أمرَه أخَذَ يزداد ويَتفاقَمُ ( يتعاظم ويزداد ) يوماً بعد يومٍ, وساعَةً إثرَ ساعةٍ ...

فعزموا على أن يَحسِموا الداء قبل اسِتفحالِهِ ( يستأصلونه قبل اشتداده ) , وقرروا أن تثِبَ كُلُّ قبيلةٍ على من فيها من أتباعِه, وأن تنكِّل ( تذيقهم أشد العذاب ) بهم حتّى يَرتدّوا عن دينهم أو يموتوا ... وقد وَقعَ على سباعِ بنِ عبدِ العُزَّى وقومِه عِبءُ تَعذيبِ خبَّاب..

فكانوا إذا اشتدَّت الهاجِرةُ ( شدة القيظ في منتصف النهار ) وغَدت أَشِعَّةُ الشمسِ تُلهِبُ الأرض إلهاباً أخرجوه إلى بَطحاءِ مكَّة, ونَزعوا عنه ثيابَه, وألبَسُوه دروعَ الحديدِ, ومنعوا عنه الماءَ حتى إذا بَلغَ منه الجُهدُ كُلَّ مَبلغٍ أقبلوا عليه وقالوا: ما تقول في محمدٍ ؟

فيقول: عبدُ الله ورسولهُ جاءَنا بدين الهُدى والحقِّ ليُخرجنَا من الظُّلماتِ إلى النور..

فيوسعونه ضَرباً ولكماً, ثم يقولون له: وما تقولُ في اللَّات والعُزَّى؟!

فيقول: صنمان أصَمَّان أبكَمان لا يَضُران ولا ينفعان ...

فيأتون بالحِجارة المحمِيَّةِ ويُلصقونها بِظهره ويُبقونها عليه حتى يسيلَ دُهنُ كتفيه...

* * *

- ولم تكن أمُّ أنْمارٍ أقلَّ قسوةً على خبَّابٍ من أخيها سباعٍ فقد رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَمرُّ بدُكانِه, ويُكلمُه فجُنَّ جنونُها لما رأتْ ( طار صوابها وثارت ثائرتها ).

وأخَذت تجيء إلى خَبًّاب يوماً بعد يومٍ فتأخذ حديدةً محمِيةً من كِيرِه ( منفاخ موقد الحداد ويراد به الموقد نفسه ) وتضعُها على رَأسه حتى يدخِّن رأسه ويُغمى عليه ...

وهو يدعو عليها وعلى أخيها سباعٍ.

* * *

- ولما أَذِنَ الرسولُ صلوات الله عليه لأصحابه بالهجرة إلى المدينة تَهيَّأ خبابٌ للخروجِ.

غير أنًّه لم يُبارح ( يغادر ) مكًّةَ إلا بعد أن استجابَ الله دعاءَه على أمِّ أنمارٍ...

فقد أُصيبت بِصُداعٍ لم يُسمع بمثلِ آلامِهِ قطُّ, فكانت تعوِي من شدَّة الوجَعِ كما تّعوي الكلابُ....

وقام أبناؤها يستطبون ( يبحثون لها عن الأطباء ) لها في كلِّ مكان , فقيل لهم: إنه لا شفاءَ لها من أوجاعها إلا إذا دَأبَتْ على كَيِّ رأسِها بالنار ....

فجعلت تَكوي رأسها بالحديدِ المَحميِّ ؛ فتَلقى من أوجاعِ الكيِّ ما يُنسيها آلامَ الصُّداع ...

* * *

- ذاقَ خبَّاب في كَنفِ الأنصارِ في المدينةِ طَعمَ الراحةِ التي حُرِم منها دهراً طويلاً, وقرَّت عينُه بِقُرب نبيِّه صلواتُ الله وسلامُه عليه دونَ أن يكدِّرَه مكدِّرٌ أو يُعكِّرَ صفوَه مُعكرٌ ...

وشهِدَ مع النبي الكريم بدراً ، وقاتل تحت رايتِه ... وخرجَ معه إلى أحد فأقَرَّ الله عينه برؤية سِباعِ بن عبدِ العُزَّى أخي أمِّ أنمارٍ وهو يلقَى مصرَعَه على يَدِ أسَدِ الله حَمزة بن عبد المُطَلب ...

* * *

- وامتدَّت به الحياةُ حتى أدرَك خلفاءَ رسولِ الله الراشدين الأربعة. وعاش في رِعايتهم جليلَ القدرِ نَبِيه الذِّكرِ ...

* * *

- ودَخلَ ذات يوم على عمرَ بن الخطابِ في خِلافته, فأعلَى عمرُ مَجلِسَه, وبالَغَ في تَقريبه وقال له: ما أَحدٌ أحقَّ منك بهذا المجلس غير بلالٍ .

ثم سألَه عن أشدِّ ما لقِي من أذى المُشركين, فاستحيا أنْ يجيبَه ...

فلمَّا ألحَّ عليه أزاحَ رداءهُ عن ظهرِه, فَجفِلَ ( نفر مما رأى ) عمرُ مما رأى, وقال: كَيف صار ذلك ؟!

فقالَ خبَّاب: أوقَدَ المشركون لي حطباً حتى أصبحَ جمراً ...

ثم نزعوا عنِّي ثيابي, وجعلوا يجُرونني عليه, حتى سقَطَ لحمي عن عظامِ ظَهري, ولم يُطفئ النَّار إلا الماءُ الذي نَزَّ من ( تحلب وتقاطر ) جَسدي .....

* * *

- اِغَتنى خبَّابٌ في الشّطر الأخيرِ من حياته بعد فقرٍ, وملك ما لم يمكن يَحلُم به من الذّهب والفضة...

غير أنهُ تصَرفَ في مالِه على وجهٍ لا يَخطُرُ ببال أحدٍ ...

فقد وَضعَ دراهِمه ودنانيره في موضعٍ من بيته يعرفُه ذوو الحاجات من الفقراء والمساكين.

ولم يَشدُدْ عليه رِباطاً ( لم يخبئه ) , ولم يُحكِم عليه قفلاً, فكانوا يأتون داره ويأخذون منه ما يشاؤون دونَ سؤالٍ أو استئذانٍ ...

ومع ذلك فقد كان يخشى أن يُحاسب على ذلك المالِ, وأن يعذب بسببه.

* * *

- حَدّثْ جمَاعةٌ من أصحابِه قالوا: دخلنا على خبابٍ في مرَضِ موته فقال: إن في هذا المكان ثمانين ألفَ درهمٍ, والله ما شددتُ عليها رباطاً قطُّ, ولا مَنَعتُ منها سائلاً قطُّ ثم بَكى ..

فقالوا: ما يُبكيكَ ؟!!

فقال: أبكي لأنَّ أصحابي مضوا ولم ينالوا من أجورِهم في هذه الدنيا شيئاً, وأنني بقيتُ فنِلت من هذا المالِ ما أخافُ أن يكونَ ثواباً لتلك الأعمال...

* * *

- ولما لحق خَبابٌ بجوار ربِّه وقف أميرُ المؤمنين عليُّ بنُ أبي طالب رَضيَ الله عنه على قبره وقال: رَحِمَ الله خباباً, فلقد أسلَمَ راغباً, وهاجَرَ طائِعاَ, وعاش مجاهداً...

ولَن يُضيعَ اللهُ أجرَ من أحسَنَ عملاً.


الرجاء عدم الرد على الموضوع لحين استكمال هذه السلسله من حياة الصحابه رضي الله عنهم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: سعيد بن عامر الجمحي رضي الله عنه   هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالسبت يناير 22, 2011 11:19 pm

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Sahaba-01
* كان الفتى سعيد بن عامر الجُمحيُ واحد من الآلاف المؤلّفة ، الذين خرجوا إلى منطقة التنعيم في ظاهر مكة بدعوة من زعماء قريش ، ليشهدوا مصرع خُبيب بن عديِّ أحد أصحاب محمد بعد أن ظفروا به غدراً.
- وقد مكّنه شبابه الموفور وفتوته المتدَفقة من أن يزاحِم الناس بالمناكب حتى حاذى شيوخ قريش من أمثال أبي سفيان بن حرب ، وصفوان بن أمية ، وغيرهما ممن يتصدرون الموكب.
- وقد أتاح له ذلك أن يرى أسير قريش مكبلا بقيوده ، وأكفُّ النساء والصبيان والشُبانِ تدفعه إلى ساحة الموت دفعا ، لينتقموا من محمد في شخصه ، وليثأروا لقتلاهم في بدرِ بقتله.
- ولما صارت هذه الجموع الحاشدة بأسيرها إلى المكان المُعدِّ لقتله وقف الفتى سعيد بن عامر الجُمحيُّ بقامته الممدودة يطل على خُبيب ، وهو يقدَّم إلى إلى خشبة الصَّلبِ ، وسمع صوته الثابت الهاديء من خلال صياحِ النِّسـوة والصبيان وهو يقول:
إن شئتُم أن تترُكوني أركع ركعتين قبل مصرعي فافعلوا ....
ثم نظر إليه وهو يسـتقبل الكـعبة ، ويصلي ركعتين ، يا لحُسنِهِمــا ويا لتـمامـهـما .....
ثم رآه يقبل على زعمـاء القوم ويقول: والله لولا أن تظنوا أني أطلت الصلاة جَزعا من الموتِ لاستكثرت من الصلاة ....
- ثم شهد قومه بعين رأسه وهم يمثلون بخُبيبً حياً ، فيقطعون من جسده قِطعة تلو القِطعة وهم يقولون له: أتُحِبُ أن يكون محمدُ مكانك وأنت ناجٍ ؟
فيقول - والدماء تنزِف منه -: والله ما أحُبُّ أن أكون آمنا وادعاً في أهلي وولدي ، وأن محمداً يوخز بشوكةٍ ...
فيلوح الناس بأيديهم في الفضاء ويتعالى صياحهم ...
أن اقتلوه ..اقتلوه...
- ثم أبصر سعيد بن عامرٍ خُبيباً يرفعُ بصره إلى السماء من فوق خشبة الصلب ويقولُ: اللّهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تُغادِر منهم أحداً.
ثم لفظ أنفاسه الأخيرة ، وبه مالم يستطع احصائه من ضرباتِ السيوف وطعنات الرماح.
* * *
- عادت قُريش إلى مكّة ، ونَسيت في زحمة الأحداث الجسام خُبيباً ومصرعه.
لكن الفتى اليافع سعيد بن عامر الجُمحيُ لم يغب خُبيبٌ عن خاطره لحظةً.
كان يراه في حلمه إذا نام ، ويراه بخياله وهو مستيقظ ، ويَمثُلُ أمامه وهو يصلّي ركعتيه الهادئتين المطئِنتين أمام خشبة الصلب ، ويسمع رنين صوته في أذنيه وهو يدعو على قريش ، فيخشى أن تصعقه صاعقة أو تخِرّ عليه صخرةٌ من السماء.
ثم إن خُبيباً علَّم سعيداً مالم يكن يعلم من قبل .... علّمه أن الحياة الحقَّة عقيدةٌ وجِهادٌ في سبيلِ العقيدةِ حتى الموت.
وعلّمه أيضا أن الإيمان الراسخ يفعل الأعاجيز ، ويصنع المعجزات.
وعلّمه أمراً آخر هو أن الرجل الذي يحبِّه أصحابه كل هذا الحبَّ إنما هو نبيٌّ مُؤيّدٌ من السمـاء.
عند ذلك شرح الله صدر سعيدٍ بن عامرٍ إلى الإسلامِ ، فقام في ملأٍ من الناس ، وأعلن براءته من آثام قريشٍ وأوزارها ، وخلعَه لأصنامها وأوثانها ودخوله في دين الله.
* * *
- هاجر سعيد بن عامر إلى المدينة ، ولزم رسول الله وصلوات الله عليه ، وشَهِد معه خَيبر ومابعدها من الغزواتِ.
ولما انتقل النبيُّ الكريمُ إلى جوارِ ربه وهو راضٍ عنهُ ، ظلّ من بعدِه سيفاً مسلولاً في أيدي خليفتـيِه أبي بكرٍ وعُمرَ ، عاش مثلاً فريداً فذا للمؤمن الذي اشترى الآخرة بالدنيا ، وآثر مرضاة الله وثوابه على سائر رغبات النـفس وشهوات الجسد.
* * *
- وكان خليـفتا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعرفان لسعيدِ بن عامر صدقه وتقواه ، ويستمِعـان إلى نُصحِهِ ، ويصغيـان إلى قوله.
- دخل على عمر بن الخطّاب في أول خلافتِه فقال: ياعُمر ، أوصيك أن تخـشى الله في النـاس ، ولا تخـش النـاس في الله ، وألا يخالِف قولُك فِعلَك ، فإن خيرَ القول ماصدَّقهُ الفِعلُ ...
يا عمر: أقِم وجهك لمن ولاك الله أمره من بعيد المسلمين وقريبهم ، وأحبَّ لهم ماتُحِبّ لنفسك وأهلِ بيتك ، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك ، وخُضِ الغمَرات إلى الحق ولا تخف في الله لومة لائمٍ.
- فقال عمر: ومن يستطيعُ ذلك يا سعيد ؟!
- فقال: يستطيعهُ رجلٌ مثلُك ممن ولاهم الله أمر أمةِ محمد ، وليسَ بينه وبين الله أحدٌ.
* * *
- عند ذلك دعا عمر بن الخطاب سعيداَ إلى مؤازرتِه وقال: ياسعيدٌ إنا مولوك على أهل ((حِمصَ)).
- فقال: ياعُمرُ نَشََدتُك الله ألا تفتنني ، فغضِب عمر وقال: ويحكُم وضعتُم هذا الأمر في عنقي ثم تخليتُم عني !! والله لا أدعكَ.
- ثمّ ولاهُ على ((حمص)) وقال: ألا نفرض لك رزقا؟
- قال: وما أفعل به يا أمير المؤمنين ؟! فإن عطائي من بيت المال يزيد عن حاجتي ، ثم مضى إلى ((حمص)).
- وماهو إلا قليلٌ حتى وفد على أميرُ المؤمنين بعض ممن يثق بهم من أهل ((حمص)) فقال لهم:
اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسُدّ حاجتهم .
فَرفعو كتاباّ فإذا فيه فلانٌ وفلانٌ و سعيد بن عامر.
- فقال: ومن سعيد بن عامر ؟!
فقالوا: أميرنا.
- قال: أميركم فقير ؟!
قالوا: نعم ، ووالله إنه لتُمرُّ عليه الأيّام الطِوال ولا يوقد في بيته نار.
- فبكى عمر حتى بللت دموعه لحيته ، ثم عمَد إلى ألف دينار ثم جعلها في صرةٍ وقال:
اقرؤوا عليه السلام مني ،وقولوا له: بعث إليك أمير المؤمنين بهذا المال لتستعين به على ضاء حاجاتك.
* * *
- جاء الوفد لسعيد بالصرة فنظر إليها فإذا هي دنانير ، فجعل يُبعِدَها عنه وهو يقول:
إنا لله وإنا إليه راجعون - كأنما نزلت به نازلة أو حل بساحته خطبٌ - فهبّت زوجته مذوعرة وقالت: ماشأنك ياسعيد ؟! أمات أمير المؤمنين ؟! قال: بل أعظم من ذلك.
قالت: أَأُصيبَ المسلمون في وقعةٍ ؟!
قال: بل أعظم من ذلك.
قالت: وما أعظم من ذلك ؟!
قال: دخلت عليّ الدنيا لتُفسد آخرتي ، وحلت الفتنةُ في بيتي.
قالت: تخلّص منها - وهي لا تدري من أمر الدنيا شيئا -.
قال: أَوتُعينِينَنِي على ذلك ؟
قالت: نعم ..
فأخذ الدنانير فجعلها في صررِ ثم وزّعها على فقراء المسلمين.
* * *
- لم يمض على ذلك وقت طويل حتى أتَى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ديار الشام يتفقّدُ أحوالها فلّمـا نزل بحِمص - وكانت تُدعى ((الكُويفَة )) وهو تصغيرٌ للكوفة وتشبيه حِمص بها لِكثرةِ شَكوى أهلِها من عُمّالِهِم وولاتِهم كما كان يفعل أهل الكُوفةِ - فلّما نزلَ بِها لقيَه أهلُها للسلام عليه فقال: كيف وجدتم أميركم ؟
فشكوه إليه وذكروا أربعا من أفعـاله ، كلُّ واحدٍ منهـا أعظمُ من الآخَرِ.
قال عُمر: فجمعت بينه وبينهم ، ودعوت الله ألا يُخَيِّب ظنِّي فيه ؛ فقد كُنتُ عظيم َ الثِّـقةِ به.
فلمـا أصبحـوا عندي هـم وأميرهـم ، قلت: مـا تشكونَ من أميرِكُم ؟
قالوا: لا يخرجُ إلينا حتى يتعالى النهارُ.
فقلت: ماذا تقول ُ في ذلك ياسعيد , فسكت قليلاً ، ثم قال: والله إني أكره أن أقولَ ذلك ، أما وإنّه لا بُدّ منه ، فإنه ليس لأهلي خادمٌ ، فأقومُ في كلَّ صباح فأعجُن لهم عجينهُم ، ثم أثريث قليلاً حتى يختَمِر ، ثم أخبِزه لهم ، ثمّ أتوضأ وأخرج للناس.
قال عمر: وماتشكون منه أيضاً ؟
قالوا: إنه لا يُجيبُ أحداً بليلٍ.
قلت: وماتقولُ في ذلكَ ياسعيدُ ؟
قال: إني والله كنتُ أكره ُ أن أُعلِن هذا أيضاً. فأنا قد جعلت النهارَ لهم والليل لله عزَّ وجلَّ.
قلتُ: وماتشكون منهُ أيضاً ؟
قالوا: إنه لا يخرجُ إليـنـا يوماً في الشهرِ.
قلتُ: وماهذا ياسعيد ؟
قال: ليس لي خادمٌ يا أمير المؤمنين ، وليس عندي ثيابٌ غير التي عليّ ، فأنا أغسلها في الشهر مرة وأنتظرها حتى تجِفَّ ، ثمّ أخرج إليهم في آخر النهار.
ثم قُلت: وما تشكون منه أيضاً ؟
قالوا: تصيبه من حينٍ إلى آخر غشيةً فيغيبُ عمّن في مجلسِهِ.
فقلتُ: وماهذا ياسعيد ؟!
فقال: شَهِدتُ مصرع خُبيب بن عُديِّ وأنا مشرِكٌ ورأيتُ قُريشاً تقطعُ جسدَه وهي تقول: أتحِبُّ أن يكون محمدٌ مكانك ؟
فيقول: والله ما أُحِبُّ أن أكون َ آمنـاً في أهلي وولدي ، وأن محمداً تشوكُه شوكةٌ .... وإني والله ماذكرتُ ذلك اليوم وكيف أني تركتُ نصرتَه إلا ظننت أن الله لا يغفِر لي ... وأصابتني تلك الغشية.
- عند ذلك قال عمر: الحمد لله الذي لم يُخيِّب ظنِّي به.
- ثمّ بعث له بألف دينارٍ ليستعين بها على حاجته. فلما رأتها زوجته قالت له: الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك ، اشترِ لنا مؤنةً واستأجر لنا خادماً. فقال لها: وهل لكِ فيما هو خيرٌ من ذلكَ ؟
قالت: وماذاك ؟!
قال: ندفعها إلى من يأتينا بها ونحن أحوج مانكون إليها.
قالت: وما ذاك ؟!
قال: نُقرِضُها الله قرضاً حسنـاً.
قالت: نعم ، وجزيتَ خيراً.
- فما غادرَ مجلسه الذي هو فيه حتى جعل الدنانيرَ في صُررٍ ، وقال لواحد من أهلِه: انطلق بها إلى أرملةِ فلان ، وإلى أيتـام فلانٍ ، وإلى مساكـين آل فلانٍ ، وإلى مُعوِِزي آل فلانٍ.
* * *
- رضي الله عن سعيدٍ بن عامرٍ الجُمحيَّ فقد كان من الذين يؤثرون على أنفسِهم ولو كانت بهم خَصاصةٌ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم    هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالسبت يناير 22, 2011 11:27 pm



هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Sahaba-04


* عاد عُمير بن وهبٍ بن وهب الجُمَحِيُّ من بدْرٍ ناجياً بنفسِهِ ، لكنّه خلّف وراءه ابنه وهباً أسيراً في أيدي المُسلِمين.
وقد كان عُميرٌ يخشى أن يأخُذ المسلمون الفتَى بجَريرةِ أبيه ( بذنب أبيه ) ، وأن يسوموه سوء العذاب جزاء ماكان يُنْزلُ برسولِ الله صلى الله عليه وسلّم من الأذى ، ولِقاء ما كان يُلحِقُ بأصحابِه من النَّكالِ.
- وفي ذاتِ ضُحى توجَّه عُميرٌ إلى المسجد للطواف بالكعبةِ والتبرُّكِ بأصنامها ، فوجَدَ صَفوانَ بن أُميّة جالساً إلى جانب الحَجرِ ، فأقبلَ عليه وقال: عِم صباحاً ياسيِّد قُريشٍ.
فقال صفوانُ: عِم صباحاً يا أبا وهبٍ ،اِجلِس نتَحَدَّث ساعَةً فإنَّما يُقَطَّعُ الوقتُ بالحديث.
فجلَسَ عُمَيْرٌ بإزاءِ صفوانَ بن أُميَّة ، وطفِقَ الرجُلان يتَذكَّؤانِ بَدْراً ، ومُصابَها العَظِيم َ ، ويُعددان الأسرى الذين وقعوا في أيدي محمدٍ وأصحابِهِ ، ويتفجَّعان على عُظماءِ قُريشٍ ممن قتلتهُم سيُوف المُسلمين وغَيَّبَهُم القَليبُ في أعماقِه( القليب: بئر دفن فيه قتلى المشركين يوم بدر ).
فتنهَّد صفْوانُ بن أُميَّة وقال: ليس –والله- في العَيْشِ خيْرٌ بعْدَهُم.
فقال عُمير: صدقت والله. ثمّ سكتَ قليلاً ، وقال: وربُّ الكعبةِ لولا ديونٌ عليَّ ليسَ عندي ما أقْضيها به ، وعيالٌ أخشى عليهِم الضَّياعَ من بعدي ، لمضيتُ إلى محمد وقتلتُه ، وحسمتُ أمرَهُ ، وكَفَفْتُ شَرَّه ، ثُمّ أتبع يقولُ بصوتٍ خافتٍ:
وإن في وجودِ ابني وهبٍ لديهِم مايجعَلُ ذهابي إلى يثرِبَ أمرا لايُثيرُ الشُبُهاتِ.
* * *
- اغتَنمَ صفوانُ بن أُميَّة كلام عُمير بن وهَب ولم يشأْ أن يُفوِّت هذه الفُرصة ، فالتفت إليه وقال: ياعُمير ، اجعَل دَيْنَكَ كُلَّهُ عليَّ ، فأنا أقضيهِ عنك مهما بلَغَ ...
وأما عيالُك فسأضُمُّهُم إلى عيالي ما امتدَّت بي وبهم الحيَاة ...
وإن في مالي من الكثرة مايسَعُهم جميعا ويكفَلُ لهُم العيشَ الرغيد.
فقال عُمير: إذن ، اكتم حديثنا هذا ولاتُطلِع عليه أحداً.
فقال صفوان: لك ذلك.
* * *
- قام عُميرٌ ونيرانُ الجِقدِ تتأجَّجُ في فؤادِهِ على مُحمد صلى الله عليه وسلم ، وطفِقَ يُعد العُدَّة لإنفاذِ ماعزَم عليه ، فما كان يخشى ارتياب أحدٍ في سفرهِ ؛ ذلك لأن ذوي الأسرى من القُرشيين كانوا يترددون على يثرب سعياً وراء افتداءِ أسراهُم.
* * *
- أَمَرَ عُميرٌ بن وهب بسيفِه فشُحِذ وسُقيَ سُماً ...
ودعا براحِلتِه فأُعِدَّت وقُدِّمت لهُ ؛ فامتطى متنها ...
ويمَّم وجهَهُ شَطْر المدينة ، ومِلءُ بُرْدَيْهِ الضَغينَةُ والشّر.
بلغ عُمير المدينة ومضى نحو المسجد يُريدُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فلّما غدا قريباً من بابه أناخ راحِلَتَه ونَزَل عنها.
* * *
- كان عمر بن الخطّاب رضي الله عنه جالسا مع بعض الصّحابة قريبا من باب المسجِد ، يتذاكرون بدرا وماخلّفتْهُ وراءها من أسرى قُريش وقتلاهُم ، ويستعيدون صور بطولات المُسلمين من مهاجرين وأنصار ، ويذكرون ما أكرمهم الله به من النَّصر ، وما أراهُم في عدوِّهم من النِّكاية والخذلان.
فحانت من ‘ُمَرَ التِفاتةٌ فرأى عُميرَ بن وهَب ينزِلُ عن راحِلَتِه ، ويمضي نحو المسجِد متَوشِّحاً سيفَهُ ، فهبَّ مذعوراً وقال: هذا الكلبُ عدو الله عُمير بن وهَبٍ ...
والله ماجَاءَ إلاّ لِشرٍّ ، لقد ألَّبَ المُشركين علينا في مكَّة ، وكان عيناً لهُم علينا قُبيلَ بدرٍ .. قال لِجُلسائِهِ: امضوا إلى رسولِ الله ، وكونوا حوله ، واحذروا أن يغدُر به هذا الخَبيثُ الماكِرُ.
ثم بادر عُمر إلى النبِّي عليه الصلاة والسلام وقال: يارسول الله ، هذا عدوُ الله عُمير بن وهب وأَخَذ بِتلابِيبِهِ ، وطوَّق عنُقَهُ بِحمَّالةِ سيفِهِ ، ومضى بِهِ نحو رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
فلما رآه رسول الله عليه الصّلاة والسلام على هذه الحال ، قال لعمر: ( أطْلِقْهُ يا عُمر )، فأطلقَهُ ، ثمّ قال له: ( استأْخِر عنْهُ )، فتأخّر عنهُ ، ثم توجّه إلى عُمير بن وهَب وقال: ( ادْنُ ياعُمير) ، فدنا وقال: أَنعِم صباحاً ( وهي تحيَّةُ العرب في الجاهلية ).
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ( لقد أكرمَنا الله بتحيَةٍ خيرٍ من تحيّتِك يا عُمير ... لقد أكرمنا الله بالسلام وهو تحيّةُ أهلِ الجنَّة ).
فقال عُمير: والله ما أنت ببعيدٍ عن تَحِيَّتِنا ، وإنّك بها لحديثُ عهْدٍ.
فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: ( وما الذي جاء بك يا عُمير ؟! ).
قال: جئتُ أرجو فكاكَ هذا الأسير الذي في أيديكم ، فأحسِنوا إليَّ فيه.
قال: ( فما بالُ السيفِ الذي في عُنقِك ؟! ).
قال: قبحها الله من سيوفٍ ...
وهَل أغْنَت عنَّا شيئاً يوم بدرٍ ؟!!
قال: ( اصدقني ، ما الذي جئْتَ له ياعُميرُ ؟ ).
قال: ما جِئتُ إلاّ لذاك.
قال: ( بل قعدت أنت وصفوان بن أُميّة عِند الحجر ، فتذاكرتُما أصحاب القليب من ضرعى قُريش ثم قلت:
لولا دينٌ عليَّ وعيالٌ عندي لخَرجتُ حتى أقتُل محمداً... فتحمُل لك صفوانُ بن أُميَّة دينَك وعِيالَك على أن تَقتُلني .... والله حائلٌ بينك وبين ذلك ).
فذُهِلَ عُميرٌ لحظَةً ، ثُمّ مالبِث َ أن قال: أشهَدُ أنَّك لرسولُ الله.
ثُمّ أردفَ يقول: لقد كُنَّا يارسولَ الله نُكَذِّبُكَ بما كُنت تأتينا به من خبرِ السماءِ ، وما ينزل عليك من الوحي ، لكنّ خبري معَ صفوانُ بن أُميَّة لم يَعلَم بِهِ أَحدٌ إلا أنا وهُو ... ووالله لقَد أيقَنت أنَه ما أتاك به إلا الله فالحمدُ لله الذي ساقني إليك سوقاً ، لِيَهديني إلى الإسلام ...
ثُم شهِد أن لا إله إلا الله ، وأنَّ محمداً رسولُ الله ، وأسلمَ.
فقال عليه الصلاة والسلام: ( فقهوا أخاكم في دينِه ، وعلِّموه القرآن وأطلِقوا أسيره ).
* * *
- فرح المُسلمون بإسلام عُمير بن وَهْب أشّد الفرح ، حتى إن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال: لَخِنزيرٌ كانَ أحَبَّ إليَّ من عُمير بن وَهب حين قَدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، وهُو اليوم أحَبُّ إليَّ من بعضِ أبنائي.
* * *
- وفيما كان عُميرٌ يُزَكِّي نفسه بتعاليم الإسلام ، ويُترِعُ فؤادَه بنور القرآن ، ويحيا أروع أيام حياته وأغناها ، ممَّا أنساه مكَّة ومن في مكَّة.
كان صفوان بن أُميَّة يَمنِّي نفسَه الأماني ، ويَمُرُّ بأندِية قريش فيقول: أبشِروا بنبأٍ عظيمٍ يأتيكُم قريباً فيُنسيكُم وقعَة بدْرٍ.
* * *
- ثم إنَّهُ لمّا طال الإنتظار على صفوانُ بن أُميّة ، أَخذ القَلقُ يَتسرَّبُ إلى نفسه شيئا فشيئا ، حتى غدا يتقلَّب على أحرِّ من الجمر ، وطفِق يُسائِلُ الرُكبان عن عُمير بن وهب ، فلا يجِدُ عند أحدٍ جواباً يشفيه ...
إلى أن جاءه راكبٌ فقال: إنَّ عُميراً قد أسلم ...
فنزل عليه الخبرُ نزول الصاعِقَة ...إذ كان يظُنُّ أن عُميرَ بن وهْبٍ لايُسلٍم ولو أسْلَم جميعُ من على ظَهْرِ الأرض.
* * *
- أما عُمير بن وهْب فإنّه ما كاد يَتَفَقَّهُ في دينِه ويحفظ ماتيسّر له من كلام ربِّه ، حتى جاء إلى النبيِّ عليه الصلاة والسلام وقال: يارسول الله ، لقَد غبَر عليَّ زمانٌ وأنا دائبٌ على اطفاء نور الله ، شديدُ الأذى لمن كان على دينِ الإسلام ، وأنا أُحِّبُّ أن تأْذن لي بأن أقدم إلى مكَّة لِأدعُوا قُريشاً إلى الله ورسولِه ، فإن قبِلوا مني فنِعمَ مافَعلوا ، وإن أعرضوا عنَّي آذيتُهم في دينِهِم كما كنتُ أؤذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأذن له الرسول عليه الصلاة والسلام ، فوافى مكّة ، وأتى بيت صفوان بن أُميَّة وقال: يا صفوانُ ، إنَّك لَسيِّدٌ من ساداتِ مكَّة ، وعاقلٌ من عُقلاء قريشٍ ، أفترى أن هذا الذي أنتم عليه من عبادة الأحجار والذّبح لها يصِحُّ في العقلِ أن يكون ديناً ؟!
أما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدا رسول الله.
* * *
- ثم طفِق عُميرٌ يدعو إلى الله في مكَّة ، حتى أسلم على يديه خلقٌ كثيرٌ. أجزل الله مثوبة عمير بن وهب ، ونوَّر له في قبره.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أملي الفردوس
مراقب عام
مراقب عام



تاريخ التسجيل : 31/12/2010
عدد المساهمات : 706
نقاط : 1395
الجنس : انثى

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: من أقوال - الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه‏    هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالإثنين يناير 24, 2011 1:37 pm

من أقوال - الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه‏

- عجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله.
- وعجبت لمن نسي الموت ، وهو يرى الموتى.
- وعجبت لمن أنكر النشأة الأخرى وهو يرى
النشأة الأولى.
- وعجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء.

- وعجبت للمتكبر الذي كن بالأمس نطفة ويكون غدا جيفة .

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Wata7e422a0e93

البخل عار ، والجبن منقصة،
والفقر يخرس الفطن عن حجته،
والمقل غريب في بلدته، والعجز آفة،
والصبر شجاعة، والزهد ثروة،
والورع جنة.

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Wata7e422a0e93
- نعم القرين الرضا،

والعلم وراثة كريمة،
والآداب حلل مجددة،
والفكر مرآة صافية.

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Wata7e422a0e93

- صدر العاقل صندوق سره،

والبشاشة حبل المودة والاحتمال قبر العيوب.

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Wata7e422a0e93

- إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره
وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Wata7e422a0e93

-لا يترك الناس شيئا من أمر دينهم لاستصلاح
دنياهم، إلا فتح الله عليهم ما هو أضر منه.

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Wata7e422a0e93

-عجبت للبخيل ، يستعجل الفقر الذي منه هرب ويفوته الغنى الذي إياه طلب،

فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء .

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Wata7e422a0e93

-الحدة ضرب من الجنون، فإن صاحبها يندم
فإن لم يندم فجنونه مستحكم .

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  21448_11290978177
- لا تصاحب الفجار فتتعلم من فجورهم ، وإعتزل عدوك ، وإحذر صديقك إلا الأمين ،
ولا أمين إلا من خشي ربه ، وتخشع عند القبور ، وذل عند الطاعة ،
واستعصم عند المعصية ، واستشر الذين يخشون الله .
إن الدين ليس بالطنطنة من آخر الليل ، ولكن الدين الورع ..

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  21448_11290978177


- لا تنظروا إلى صيام أحد ولا الى صلاته ، ولكن انظروا إلى صدق حديثه إذا حدث ..
والى أمانته إذا ائتمن ، وورعه إذا أشفى .

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  21448_11290978177

- إذا سمعت الكلمة تؤذيك ، فطأطأ لها حتى تتخطاك .
- من كثر ضحكه قلت هيبته .... ومن مزح استخف به .... ومن أكثر من شيء عرف به .
- ومن كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر سقطه قل حياؤه .... ومن قل حياؤه قل ورعه ،
ومن قل ورعه مات قلبه .


هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  21448_11290978177


- أحب الناس إلي ،.. من رفع إلى عيوبي ..
- رأس التواضع : أن تبدأ بالسلام على من لقيته من المسلمين ..
- وأن ترضى بالدون من المجلس ، وأن تكره أن تذكر بالبر والتقوى .


هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  21448_11290978177
- أجرأ الناس ، من جاد على من لا يرجو ثوابه ... وأحلم الناس ، من عفا بعد القدرة ....
وأبخل الناس ، الذي يبخل بالسلام .... وأعجز الناس , الذي يعجز عن دعاء الله .
- ليس خيركم من عمل للآخره وترك الدنيا ، أوعمل للدنيا وترك الآخره ،
ولكن خيركم من أخذ من هذه وهذه ، وإنما الحرج فى الرغبه فيما تجاوز قدر
الحاجه وزاد على حد الكفايه.
- نحن قوم اعزنا الله بالإسلام فان ابتغينا العزة بغير الله أذلنا الله


هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  21448_11290978177


- إن من صلاح توبتك ، أن تعرف ذنبك .... وإن من صلاح عملك ، أن ترفض عجبك ....
وإن من صلاح شكرك ، أن تعرف تقصيرك .
- لا تكلم فيما لا يعنيك ، واعرف عدوك ، وأحذر صديقك إلا الأمين ،
ولا أمين إلا من يخشى الله ، ولا تمشي مع الفاجر ، فيعلمك من فجوره ،
ولا تطلعه على سرّك ، ولا تشاور في أمرك إلا اللذين يخشون الله عز وجل .

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  21448_11290978177


- إن لله عباداً ، يميتون الباطل بهجره ، ويحيون الحق بذكره ،
رغبوا فرغبوا ، ورهبوا فرهبوا ، خافوا فلا يأمنون ،
أبصروا من اليقين ما لم يعاينوا فخلطوا بما لم يزايلوا ، أخلصهم الخوف ،
فكانوا يهجرون ما ينقطع عنهم ، لما يبقى لهم .
الحياة عليهم نعمة ، والموت لهم كرامة

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  21448_11290978177


- لا تتركوا أحداً من الكفار يستخدم أحداً من المسلمين .
- لا خير في قوم ليسوا بناصحين ، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين .


ما أجملها من أقوال رحمك الله يا عمر بن الخطاب
ورزقنا صحبتك مع الحبيب صلي الله عليه وسلم وأبوبكر الصديق

رحمك الله يا من اعز الاسلام بك ... كما دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
siraji
Admin
Admin
siraji


دولتي : هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  TrB20206
تاريخ التسجيل : 20/12/2010
عدد المساهمات : 1041
نقاط : 1864
الجنس : ذكر
العمر : 52
تاريخ الميلاد : 22/02/1972
الموقع : http://siraji2011.forummaroc.net/
mms : هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  432a78024e

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم    هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالجمعة يناير 28, 2011 7:55 am

السلام عليكم
ورحمة الله
جزاك الله كل خير على جهدك
بارك الله فيك وجعل الله عملك هذا في
ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://sirajinour.forummaroc.net
إيروكا
عضو فاعل
عضو فاعل
إيروكا


تاريخ التسجيل : 19/03/2011
عدد المساهمات : 355
نقاط : 378
الجنس : انثى
العمر : 26
تاريخ الميلاد : 11/12/1997
الموقع : سوريا

هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Empty
مُساهمةموضوع: رد: هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم    هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم  Emptyالسبت مارس 19, 2011 9:48 am

جزاك الله الجنة
تقبلي مروري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
هذه سلسله عن صور من حياة الصحابه رضي الله عنهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ماهي الوصايا والتوصيات قبل الزواج في عهد الصحابه رضي الله عنهم جميعا
» هذه سلسله :: الأنوار في سيرة النبي المختار
» احلى حياة فى طاعة الله
» شرح أحاديث النبى صلى الله عليه و سلم**د.عبد الله شحاته رحمه الله تعالى
» سلسلة الصحابه ابو ذر الغفارى‏

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: ¬°•|منتدى الرسول الكريم وصحبة الكرام|•°¬-
انتقل الى: