{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }
الأحزاب56
*<>*<>*<>*<>*<>*<>*<>*<>*<>*<>*
جاء في الحديث النبوي الشريف :
" من صلى عليّ صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلي علي..
فليُقل عبد من ذلك أو يكثر" حديث صحيح.
" إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام" صحيح.
فما معنى الصلاة والسلام على رسول الله ..؟!
ـ أ ـ
أولاً : أما " الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "
فمعناها - عند جمهور العلماء - :
من الله تعالى : الرحمة ،
ومن الملائكة : الاستغفار ،
ومن الآدميين : الدعاء ،
وذهب
آخرون – ومنهم أبو العالية من المتقدمين ، وابن القيم من المتأخرين ،
وابن عثيمين من المعاصرين – إلى أن معنى " الصلاة على النبي صلى الله عليه
وسلم " هو :
الثناء عليه في الملأ الأعلى
، ويكون دعاء الملائكة ودعاء المسلمين بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
بأن يثني الله تعالى عليه في الملأ الأعلى ، وقد ألَّف ابن القيم – رحمه
الله – كتاباً في هذه المسألة ، سمّاه " جلاء الأفهام في فضل الصلاة
والسلام على خير الأنام " وقد توسع في بيان معنى الصلاة على النبي صلى
الله عليه وسلم ، وأحكامها ، وفوائدها ، فلينظره من أراد التوسع .
ــ قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
" قوله : " صلِّ على محمد " قيل :
إنَّ الصَّلاةَ مِن الله : الرحمة ،
ومن الملائكة : الاستغفار ،
ومن الآدميين : الدُّعاء .
* فإذا قيل : صَلَّتْ عليه الملائكة ، يعني : استغفرت له .
* وإذا قيل : صَلَّى عليه الخطيبُ ، يعني : دعا له بالصلاة .
* وإذا قيل : صَلَّى عليه الله ، يعني : رحمه .
وهذا مشهورٌ بين أهل العلم ، لكن الصحيح خِلاف ذلك ، أن الصَّلاةَ أخصُّ من الرحمة
، ولذا أجمع المسلمون على جواز الدُّعاء بالرحمة لكلِّ مؤمن ، واختلفوا :
هل يُصلَّى على غير الأنبياء ؟ ولو كانت الصَّلاةُ بمعنى الرحمة لم يكن
بينهما فَرْقٌ ، فكما ندعو لفلان بالرحمة نُصلِّي عليه .
ــ وأيضاً : فقد قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )
البقرة157 ، فعطف " الرحمة " على " الصلوات " والعطفُ يقتضي المغايرة
فتبيَّن بدلالة الآية الكريمة ، واستعمال العلماء رحمهم الله للصلاة في
موضع والرحمة في موضع : أن الصَّلاة ليست هي الرحمة .
ــ وأحسن ما قيل فيها : ما ذكره أبو العالية رحمه الله أنَّ صلاةَ الله على نبيِّه : ثناؤه عليه في الملأ الأعلى .
فمعنى " اللَّهمَّ صَلِّ عليه " أي : أثنِ عليه في الملأ الأعلى ، أي : عند الملائكة المقرَّبين .
فإذا قال قائل : هذا بعيد مِن اشتقاق اللفظ ؛ لأن الصَّلاة في اللُّغة الدُّعاء وليست الثناء : فالجواب على هذا :
أن
الصلاة أيضاً من الصِّلَة ، ولا شَكَّ أن الثناء على رسول الله صلى الله
عليه وسلم في الملأ الأعلى من أعظم الصِّلات ؛ لأن الثناء قد يكون أحياناً
عند الإنسان أهمُّ من كُلِّ حال ، فالذِّكرى الحسنة صِلَة عظيمة .
وعلى هذا فالقول الرَّاجح : أنَّ الصَّلاةَ عليه تعني :
الثناء عليه في الملأ الأعلى " انتهى . "
الشرح الممتع " ( 3 / 163 ، 164 ) .
ثانياً : وأما معنى " السلام عليه صلى الله عليه وسلم " :
فهو الدعاء بسلامة بدنه – في حال حياته - ،
وسلامة دينه صلى الله عليه وسلم ،
وسلامة بدنه في قبره ، وسلامته يوم القيامة .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
*
قوله : " السلام عليك " : " السَّلام " قيل : إنَّ المراد بالسَّلامِ :
اسمُ الله ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ اللَّهَ هو
السَّلامُ " كما قال الله تعالى في كتابه : ( الملك القدوس السلام )
الحشر/23 ، وبناءً على هذا القول يكون المعنى : أنَّ الله على الرسول صلى
الله عليه وسلم بالحِفظ والكَلاءة والعناية وغير ذلك ، فكأننا نقول :
اللَّهُ عليك ، أي : رقيب حافظ مُعْتَنٍ بك ، وما أشبه ذلك .
* وقيل
: السلام : اسم مصدر سَلَّمَ بمعنى التَّسليم ، كما قال تعالى : ( يا أيها
الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) الأحزاب/56 فمعنى التسليم على
الرسول صلى الله عليه وسلم : أننا ندعو له بالسَّلامة مِن كُلِّ آفة .
ــ إذا
قال قائل : قد يكون هذا الدُّعاء في حياته عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ
واضحاً ، لكن بعد مماته كيف ندعو له بالسَّلامةِ وقد مات صلى الله عليه
وسلم ؟
فالجواب
: ليس الدُّعاءُ بالسَّلامة مقصوراً في حال الحياة ، فهناك أهوال يوم
القيامة ، ولهذا كان دعاء الرُّسل إذا عَبَرَ النَّاسُ على الصِّراط : "
اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ " ، فلا ينتهي المرءُ مِن المخاوف والآفات
بمجرد موته .
ــ إذاً ؛ ندعو للرَّسول صلى الله عليه وسلم بالسَّلامةِ من هول الموقف .
ــ
ونقول - أيضاً - : قد يكون بمعنى أعم ، أي : أنَّ السَّلامَ عليه يشمَلُ
السَّلامَ على شرعِه وسُنَّتِه ِ، وسلامتها من أن تنالها أيدي العابثين ؛
كما قال العلماءُ في قوله تعالى : ( فردوه إلى الله والرسول ) النساء/59 ، قالوا : إليه في حياته ، وإلى سُنَّتِهِ بعد وفاته .
وقوله : " السلام عليك " هل هو خَبَرٌ أو دعاءٌ ؟ يعني :
هل أنت تخبر بأن الرسولَ مُسَلَّمٌ ، أو تدعو بأن الله يُسلِّمُه ؟
ــ الجواب : هو دُعاءٌ تدعو بأنَّ الله يُسلِّمُه ، فهو خَبَرٌ بمعنى الدُّعاء .
ثم هل هذا خطاب للرَّسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كخطابِ النَّاسِ بعضهم بعضاً ؟ .
ــ الجواب
: لا ، لو كان كذلك لبطلت الصَّلاة به ؛ لأن هذه الصلاة لا يصحُّ فيها
شيء من كلام الآدميين ؛ ولأنَّه لو كان كذلك لجَهَرَ به الصَّحابةُ حتى
يَسمعَ النبي صلى الله عليه وسلم ، ولردَّ عليهم السَّلام كما كان كذلك
عند ملاقاتِهم إيَّاه ، ولكن كما قال شيخ الإسلام في كتاب " اقتضاء الصراط
المستقيم " : لقوَّة استحضارك للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلام حين
السَّلامِ عليه ، كأنه أمامك تخاطبه .
ولهذا كان الصَّحابةُ يقولون : السلام عليك ، وهو لا يسمعهم ، ويقولون :
السلام عليك ، وهم في بلد وهو في بلد آخر ، ونحن نقول : السلام عليك ،
ونحن في بلد غير بلده ، وفي عصر غير عصره " انتهى.
[ إسلام أون لاين ]
*<>*<>*<>*<>*<>*<>*<>*<>*<>*<>*
شرح الصلاة الإبراهيمية
(
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على
محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد )
( اللهم ) معناها : يا الله .
( صلِّ على محمد ) صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه في الملأ الأعلى أي عند الملائكة المقربين .
( وعلى آل محمد
) أي وصل على آل محمد ، وآل محمد قيل إنهم أتباعه على دينه ، وقيل آل
النبي صلى الله عليه وسلم قرابته المؤمنون ، والصحيح الأول وهو أن الآل هم
الأتباع .
( كما صليت على آل إبراهيم
) قال بعض العلماء أن الكاف هنا للتعليل وأن هذا من باب التوسل بفعل
الله السابق لتحقيق الفعل اللاحق ، يعني كما أنك سبحانك سبق منك الفضل
على آل إبراهيم فألحق الفضل منك على محمد وآله .
( بارك على محمد وعلى آل محمد) أي أنزل البركة ، والبركة هي كثرة الخيرات ودوامها واستمرارها .
( كما باركت على آل إبراهيم ) أي يارب قد تفضلت على آل إبراهيم وباركت عليهم فبارك على آل محمد .
(
إنك حميد مجيد ) حميد : بمعنى حامد ومحمود ، حامد لعباده وأوليائه الذين
قاموا بأمره ، ومحمود يحمد عز وجل على ما له من صفات الكمال وجزيل الإنعام .
مجيد : أي ذو المجد ، والمجد هو العظمة وكمال السلطان .
الشرح الممتع 3/227 .
[ موقع الإسلام سؤال وجواب]
******************
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ من نسي الصلاة عليّ خطئ طريق الجنة }
[صححه الألباني في صحيح الجامع].