بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين
رسول رسول .. في الدنيا حريص وفي الاخرة شفيع
تعدد الآيات والروايات عن مدى رفق الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام وحرصه على أمته، ويكفيه عزا وفخرا أن مدحه المولى الكريم في محكم تنزيله بقوله تعالى: " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" وقد جاء في وصف الحبيب المصطفى الآية"مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ "، آيتين جمعتا معان جليلة في سلوك الحبيب المصطفى مع أمته، أعظمها رحمته ورفقه وحرصه صلى الله عليه وسلم بأمته.
فتعالوا بالصلاة والسلام على الحبيب خير الأنام نستعرض جميعا شيئا من بحر الرحمة والحرص النبوي بالأمة خاصة وبالبشرية جمعاء.
حريص على رفع المشقة في التكاليف
عندما فُرضت الصلاة خميس واحدة على الأمة بقي النبي عليه الصلاة والسلام يراجع المولى الجليل حتى خففها الله تعالى لخمس صلوات، وفي الحج قال عليه الصلاة والسلام : أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يارسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ، ولما استطعتم ثم قال : ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلك"، كما أن الحبيب المصطفى كان مثالا فالرفق بالمرأة فقد قال الحبيب عليه الصلاة والسلام : إني لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي ، فأتجوّز في صلاتي كراهية أن أشق على أمِّه . رواه البخاري .
رقيق الكلام حريص على نفسيات الأنام
ومما عرف على الحبيب المصطفى رقة كلامه وأنه لم يقل كلام عيب قط فهذا خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه يقول "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أف قط ، ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا" رواه مسلم، قمة الرفق بالخادم وقمة الرفق بالأصحاب الشباب فهذا مالك بن الحويرث رضي الله عنه يقول : "أتينارسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون ، فأقمنا عنده عشرين ليلة ، - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا - فظن أنا قد اشتقنا أهلنا ، فسألنا عن من تركنا من أهلنا ، فأخبرناه ، فقال : ارجعوا إلى أهليكم ، فأقيموا فيهم ، وعلموهم ، ومروهم ." متفق عليه .
وها هو الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام في قمة الرفق بالزوجة وخير مثال للزوج العطوف الحنون الذي يحرص على إرضاء زوجاته في كل الأوقات فهاهو الحبيب صلى الله عليه وسلم يشرب من موضع شرب حبيبته أمنا عائشة رضي الله عنها وهي حائض وفي هذا تعبير رقيق عن حبه لها دون أي كلام، وروي عنه إغتساله مع أزواجه في اناء واحد، وغيرها من المواقف التي تعكس رقته وحرصه على نفسيات ومشاعر الأنام
و على غير المسلمين كذلك حريص
يروى أنه قد كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار . رواه البخاري.مع أنه غلام يهودي ، ولم يعد خادما للنبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه الحرص على هداية الخلق .
وفي الاخرة شفيع
قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام:" إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم فيقولون اشفع لنا إلى ربك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله، فيأتون موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيأتونني فأقول أنا لها، فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجداً، فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يُسمع لك وسل تعط واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجداً فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان، فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمد بتلك المحامد ثم أخر له ساجداً فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي، فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل".
ألا نكون حريصين؟؟؟
أمام ما استعرضناه من صور لحرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته يبقى الوصف الرباني أشمل وأجمع " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ"، وبهذا يكون الجميل المحمدي كبيرا علينا، أفلا نكون يا أحباب حريصين على أن نرد ولو قليلا منه؟ أفلا نكون حريصين على التمسك بسنة الحبيب؟ ألا نكون حريصين على أخذ ما أتانا به والانتهاء عن ما نهانا عنه؟
بقلم انس رضوان طالب
والله ولي التوفيق