صيام الجوارح فى رمضان
1- صيام البطن
الطعام حلاله وحرامة له أثره على حياة الإنسان وسلوكه وأخلاقه ،
ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى رسله فقال:
﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً ﴾
المؤمنون: من الآية51.
وقال سبحانه للمؤمنين:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾
البقرة:172.
والطيبات هي ما أحله الله عز وجل لعباده المؤمنين على لسان رسول الله
صلى الله عليه وسلم. فالله يقول عنه:
﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾
لأعراف: من الآية157.
- وصيام البطن اجتنابه للحرام ، زيادة عن اجتنابه الطعام والشراب ،
وكل ما يفطر في نهار رمضان ، لكنه يصوم أيضا عن الحرام عند إفطاره
فلا يأكل الربا إذ أنه بأكله الربا يغضب المولى تبارك وتعالى ،
يقول سبحانه:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ﴾
آل عمران: من الآية130.
وقال سبحانه: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ﴾
البقرة: من الآية275.
- صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
( لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال هم سواء )
رواه مسلم.
- آكل الربا يضحك على نفسه ، فيملأ بطنه من الحرام ، ويدعو ربه
وقد سد طرق الإجابة وأغلق باب القبول.
- صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ؛ فقال:
{ يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم } ،
وقال: { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم }.
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء :
يا رب يا رب ! ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ،
وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك ! ؟ )
صحيح الجامع.
فهذا رجل كثير العبادة ، ولكنه آثم في طعامه ، غير متق لله في أكله وشرابه.
- كيف يصوم البطن وقد أفطر على الحرام وطعامه من الربا والسحت ،
والغش ومال اليتيم والغصب.
- فسدت والله كل الأذواق لما فسد الطعام والشراب ، قست القلوب لما خبث
المأكل والمشرب ، انطمس النور لما فقدت اللقمة الحلال.
- صح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه تغدى يوما من الأيام
ثم سأل خادمه من أين هذا الطعام ؟ فقال: من كهانة كنت أتكهن بها في
الجاهلية ، فأدخل أبو بكر يده وانتغر فأخرج ما في بطنه من الطعام.
(رواه مسلم) ،
فرضي الله عنه ما أصدقه وأطيبه وأطهره.
- اللقمة تبقى في بطن صاحبها ويبقى أثرها مع اللحم والدم وأي جسد
نبت من الحرام فالنار أولى به.
- كان السلف الصالح يعرفون من أين يأكلون ، فصفت أذواقهم
وصحت أبدانهم وأشرقت قلوبهم ، فلما فسد طعام المتأخرين وشرابهم
انطمست معالم الهدى في قلوبهم.
- صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
( ما أكل عبد طعاما خيرا من أن يأكل من كسب يده ،
وإن نبي الله داود عليه السلام ، كان يأكل من طعام يده )
رواه البخاري.
- فزكريا عليه السلام كان نجارا وداود عليه السلام كان حدادا
ومحمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يرعون الغنم.
- والإسلام يدعو إلى الكسب وطلب الرزق لكن من أبوابه المشروعة.
يقول سبحانه:
﴿ وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى ﴾
الأنعام: من الآية152.
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ
نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ﴾
النساء:10.
وقال عز وجل: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ
لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾
البقرة:188.
وقال عز اسمه: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ
الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ﴾
البقرة: من الآية275.
- وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
( لعن الله الراشي والمرتشي )
رواه أحمد والأربعة.
- يقول سبحانه ذامًّا من فسد من اليهود والنصارى:
﴿ وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ
مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
المائدة:62.
- يقص علينا ابن الجوزي في صيد الخاطر أنه أكل أكلة من شبهة فتغير
قلبه وأظلم عليه فترة من الزمن ، وذلك لصفاء قلوبهم أحسوا بالتغير ،
أما الكثير اليوم فيأكل ما أراد من الحرام فلا يرى تغير قلبه لأنه:
من يهن يسهل الهوان عليه .. مـــا لــجـرح بـمـيت إيــلام
- وتناول بعضهم الخمر والمسكر بأنواعه فحرم لذة العبادة وحلاوة الطاعة ،
وعاش منغصا قلقا محروما من السعادة ومن ساعة الإجابة.
* فيا أيها الصائم هناك صيام البطن من لم يصمه فكأنه ما صام
فهل من صائم عن الحرام ، ورع عن الشراب والطعام ليدخل
دار السلام.
اللهم اجعلنا ممن يحلل حلال الشريعة ويحرم حرامها.
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.