طرق هذا الموضوع عدد كبير من الكتاب العرب والمستشرقين الأجانب، وأشار إليه كتابنا العرب القدامى، وكان كل واحد منهم يأخذ ممن سبقه، ويزيد عليه بعض المعلومات التي عثر عليها أو سمع بها.
1- النصوص القديمة المكتشفة: استأنس المستشرقون بما ذكره الكتاب العرب القدماء، لكنهم لم يعتمدوا عليه كلياً، وإنما كان رائدهم الاعتماد على اللقى الأثرية ودراسة النصوص، ليكون بحثهم موضوعياً. اكتشف عدد كبير من النصوص القديمة الحميرية والسبئية والثمودية واللحيانية والصفوية التي تنتسب جميعاً إلى الحضارة العربية الجنوبية القديمة، واكتشف أيضاً عدد كبير من النصوص الآرامية والفينيقية والنبطية والتدمرية والسريانية والعبرية... وهي جميعاً تعتبر كتابات سامية شمالية، وعثر على القليل من النقوش العربية التي تعود إلى ما قبل الإسلام، وعددها الآن / 7 / أقدمها من حيث الاكتشاف والتاريخ نقش أم الجمال الأول، ونقش النمارة، وأحدثها اكتشافاً نقش جبل أسيس.
ا يعني هذا أنه لا توجد نقوش أخرى من ذلك العهد، ولكن نتمنى أن نعثر على نصوص أخرى ربما أضافت إلى معلوماتنا أشياء جديدة، تفيدنا في التأكد من سير تطور الخط العربي قبل الإسلام. وقد ذكر مؤرخونا بعض النصوص القديمة، ونحن نعلم أن المعلقات السبع أو العشر كانت مكتوبة ومعلقة في الكعبة، ولكن للأسف لم يصلنا أي وثيقة مكتوبة.
2- تطور الخط العربي: سادت في النصف الأول من هذا القرن بين العلماء المستشرقين المهتمين بنشأة الخط العربي بناء على المشاهدات فكرة تتلخص: بأن الخط العربي تطور من الخط النبطي المتأخر، وقد أوردوا الأدلة على ذلك، ولكن ظهرت نظرية جديدة سنة / 1963م / كان زعيمها الأب
ميليك والأب
ستاركي مفادها أنالخط العربي تطور من الخط السرياني، وقد اعتمدوا في الاتجاه إلى هذا الرأي على النصوص التاريخية القديمة التي ذكرها
هشام بن محمد السائب الكلبي و
البلاذري و
ابن النديم و
ياقوت الحموي، ومن نقل عنهم مثل
ابن خلدون و
القلقشندي و
المقريزي. عرض
ستاركي أمثلة تدل على الشبه بين الخط السرياني الأسطرنجيلي والخط العربي القديم، وكان دليله أن هذه الخطوط العربية القديمة وجدت في بلاد الشام بعد انقراض الدولة النبطية بعدة قرون، واستدل – من أجل تأييد وجهة نظره – على الشبه الظاهري بين الخطين السرياني العربي القديم. نلخص ما ذهب إليه فيما يلي : ü بعض الحروف العربية متصلة كالسريانية، بينما النبطية تظل مستقلة. ü الحروف العربية تنتظم على سطر واحد كالسريانية، بينما الحروف النبطية لا تخضع لهذا الانتظام، فهي تعلو وتنخفض عن السطر. ü بعض الحروف العربية هي الحروف السريانية نفسها شكلاً ولفظاً : الألف والدال والراء والميم والشين والعين والهاء ذات العقدتين. ü المصادر التاريخية العربية القديمة تؤيد هذا الاتجاه، فهي تذكر أن العرب تعلموا الخط من الحيرة والأنبار. نقول بالرغم من وجاهة النظرية الجديدة في بعض النواحي وترحيب بعض الباحثين بها، فإننا لا نستطيع أن ننكر أبداً التأثر الشديد بالخط النبطي المتأخر، فإذا كانت بعض الحروف العربية والسريانية متشابهة، فإنها بعضها أيضاً يتشابه بالمظهر، لكن اللفظ مختلف تماماً; وإن الحروف المتشابهة في الخطين النبطي المتأخر والعربي ظلت في اللفظ واحدة، والتطور نحو التماثل بين الخطين واضح. أما ما ورد في المصادر التاريخية العربية القديمة عن نشأة الخط، وتعلم العرب الخط من الحيرة والأنبار، فإن أكثره يتكلم عن الخط قبيل الإسلام. سنرى عند عرضنا النصوص العربية القديمة قبل الإسلام أن كلمات بل جملاً كاملة – هي بشكلها ومعناها ومبناها – عربية خالصة، ذكرت جمل في نقش النمارة الذي يعتبر أقدم نص عربي مكتشف كتبت حروفه بالخط النبطي المتأخر، وبعضها بالخط المتطور، مثل الجملة " فلم يبلغ ملك مبلغه " ربما كان لهذه النظرية وزن قبل اكتشاف كتابة جبل أسيس : هذه الكتابة عربية خالصة، ولكنها مع ذالك لم تخلو من بعض التأثير الطفيف بالخط النبطي، حتى أن التاريخ كتب بالنبطية كما هو الأمر في جميع النصوص المؤرخة، فإذا كانت دولة الأنباط قد انقرضت – حسب ما قال صاحب النظرية – فهل انقرض الشعب النبطي نهائياً، واندثرت ثقافته؟.
3- أثر الخطين النبطي والسرياني: بالرغم من كل ما ذكر فإننا لا ننكر أيضاً بعض التأثر بالخط السرياني الأسطرنجيلي، لأن هذا التأثر أمر طبيعي ناتج عن اتصال عرب الجزيرة بالعرب الأنباط، وبعرب الحيرة والأنبار، وعرب الشام; ويجب أن لا ننسى أن أصل الخطين النبطي والسرياني واحد، فهما منحدران من الخط الآرامي، وليس من الضروري أبداً أن نتشبث بالأخذ بإحدى النظريتين من أجل وجهة نظر معينة كبيان فضل المسيحية على هذا التطور، وهو أمر لا ننكره أبداً. ناقش الأستاذ
غروهمان هذا الموضوع بالتفصيل في كتابه الأخير، ورجح أن يكون التأثير الأقوى في نشأة الخط العربي وتطوره من الخط النبطي، ونقض كثيراً من مرتكزات نظرية (
ميليك و
ستاركي ). إن ما ذكره المؤرخون العرب القدامى من المعلومات المعقولة لا يعدو أكثره التاريخ القريب من ظهور الإٍسلام، وهي فعلاً جديرة بأن يشار إليها: قال
ابن النديم وهو أكثر الناس تحدثاً عن أصل الكتابة والخط العربي: " أول من كتب بالعربية ثلاثة رجال من بولان، وهي قبيلة; سكنوا الأنبار، وأنهم اجتمعوا فوضعوا حروفاً مقطعة وموصلة، وهم:
مُرامِر بن مرة، و
أسلم بن سِدْرة، و
عامر بن جَدْرَة ". وقال: " وسئل أهل الحيرة ممن أخذتم العربي فقالوا من أهل الأنبار......". وقال: " قرأت في كتابة مكة لـ
عمر ابن شبه وبخطه: أخبرني قوم من علماء مصر قالوا : الذي كتب هذا العربي الجزم رجل من بني
مخلد بن النضر بن كنانة، فكتبت حينئذ العرب ". هذا النص يلفت النظر، ففيه أولاً: ورود كلمة ( الجزم )، يعني هذا أن العرب اقتطعوا واختزلوا حروف الخط المسند اليمني، واستنبطوا من الأبجدية العربية، لعل
ابن خلدون كان أوضح الكتاب العرب في بيان الصلة بين الخط الحميري والخط العربي حينما قال: " وقد كان الخط العربي بالغاً مبالغه من الإحكام والإتقان والجودة في دولة التبابعة، لما بلغت من الحضارة والترف، وهو المسمى بالخط الحميري، وانتقل إلى الحيرة لما كان بها من دولة
آل المنذر نسباء التبابعة في العصبية، والمجددين لملك العرب بأرض العراق ....."؟. يمكن في الواقع أن نعتبر منشأ الخط العربي ناتجاً من تحوير واختزال الخط المسند، وهذا اتجاه ثالث، ويستحق أن يكو نظرية ثالثة في التعرف على أصل الخط العربي. يبدو أن
ابن النديم كان مقتنعاً بهذه الفكرة حتى أنه رسم الحرف المسند، وفي وسطه الحرف العربي، ليبين كيف جزم الحرف العربي من المسند. وقال
ابن النديم أيضاً: " الذي حمل الكتابة إلى قريش بمكة
أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة، وقد قيل
حرب بن أمية ".
4- الكتبة قبل الإسلام: هذه النصوص إجمالاً تعطينا فكمرة عن أصل الخط العربي وانتقاله وتعلمه في أرض الجزيرة العربية، ومن المفيد أن نورد بعض النصوص الأخرى التي تنير لنا جوانب أخرى من الموضوع : ذكر لنا
ابن النديم نصاً يشير به إلى كتابة عربية قبل الإسلام، ووصفها لنا، وهي مكتوبة بخط
عبد المطلب بن هاشم فقال: " ... وكان الخط شبه خط النساء ..." يريد أن يقول إن الخط كان غير متقن. ذكر
البلاذري نصوصاً هامة نقتطف منها هذه المعلومات الملخصة فيما يلي: 1) الذين يعرفون القراءة والكتابة في الجاهلية عشرة أشخاص (وذكر
البلاذري أسمائهم).2)
بشر بن عبد الملك بن عبد الجن الكندي علَّم في الشام ناساً. 3) رجل من
طابخة كلب علَّم رجلاً من أهل وادي القرى، فأتى الوادي يتردد، فأقام بها وعلم الخط قوماً من أهلها. 4) الذين يعرفون القراءة والكتابة في فجر الإسلام تبلغ عدتهم أربعين، ومنهم كتاب الوحي، وقد ذكر أسماءهم جميعاً. ذكر الطبري: قال النسابة
هشام ابن محمد بن السائب الكلبي: كنت أستخرج أخبار العرب وأنسابهم وأنساب
آل نصر بن ربيعة ومبالغ أعمار من ولي منهم
لآل كسرى، وتأريخ نسبهم من كتبهم بالحيرة. قال
ابن جني: ورد أن
النعمان ملك الحيرة نسخ أشعار العرب، ودفنها في قصره الأبيض، فلما كان
المختار بن أبي عبيد قيل له: إن تحت القصر كنزاً فاحتفره، فأخرج تلك الأشعار. ذكر
الأصفهاني أن
زيد بن حماد بنت زيد بن أيوب تولى الكتابة
للنعمان الأكبر وذكر أن جماعة من الشعراء كانت تكتب مثل
المرقش الأكبر و
عبد الله بن الزبعري.ذكر
المفضل الضبي قصة
المرقش الأكبر كيف تعلم الكتابة من رجل من أهل الحيرة، فصار يكتب أشعاره.
5- النصوص العربية السبعة: هذه النصوص القليلة مفيدة من اجل استكمال الصورة عن الخط العربي قبل الإسلام، وسنعرض فيما يلي النصوص العربية السبعة قبل الإسلام:v
كتابة أم الجمال الأولى: تقع أم الجمال إلى جنوبي مدينة بصرى الشام على بعد / 25كم /، نشرها
إنو ليتمان مع النصوص النبطية، ولكننا نرى أن النص عربي كتب بالخط النبطي المتأخر، وتبدو فيه ملامح الخط العربي القديم، وفيه كلمات عربية.هذه الكتابة غير مؤرخة لكننا نستطيع أن نحدد زمنها في الربع الأخير من القرن الثالث الميلادي، لأن
جذيمة المذكور في النص هو حتماً
جذيمة الأبرش أحد ملوك الحيرة التنوخيين الذي حار
زنوبيا ملكة تدمر.
- الشكل 1 -
تفكيك النص:
1-
دنه نفشو فهرو
2-
بر سلي جديمة
3-
ملك تنوخ
تفسير النص:
1-
هذا قبر فهر
2-
بن سُليْـ[ـم] مربي جذيمة
3-
ملك تنوخ v
كتابة النمارة: النمارة قصر صغير من العهد الروماني يقع في الطرف الجنوبي من وادي الشام الجاري بين جبل العرب إلى الشمال الشرقي نحو البادية. نقشت هذه الكتابة على نحت الباب وهو من الحجر البازلتي، اكتشفته بعثة فرنسية في سفح المنحدر المؤدي إلى الوادي، وذلك في أوائل القرن الحالي، وقد نقل الحجر إلى متحف اللوﭭر في باريس، وحصل متحف دمشق على نسخة جصية من هذه الكتابة، وعرضت النسخة أخيراً في متحف الخط العربي في دمشق ( المدرسة الجقمقية ). رقمت هذه الكتابة بالخط النبطي المتأخر وبلغة عربية مشوبة بشيء من رواسب الآرامية، وهذا واضح من وضع ( الواو ) في آخر المفردات، وخاصة أسماء الأعلام، يلاحظ أن ( الألف ) تحذف من قلب الأسماء وخاصة أسماء الأعلام. فكك هذه الكتابة عدد من العلماء، ونقلوا مفهومها إلى لغاتهم، وقد اختلفوا في مفهوم بعض الكلمات، ولذلك رأينا أنه لزاماً علينا أن نسهم في تفكيك النص، فخرجنا بنتيجة مختلفة في الأمور الحساسة التي لها قيمة تاريخية، ونعتقد أننا استطعنا أن نعطي النص مفهوماً واضحاً، وحللنا كثيراً من عقد التي استعصى حلها على من سبقنا.
-الشكل 2
- تفسير النص: أضفنا كلمات من عندنا لتوضيح المعنى وحرفاً لاستكمال الكلمة الناقصة، ووضعناها بين [ معقودتين ]، كما أضفنا كلمات تفسيرية بين ( قوسين ).
1- هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي حاز التاج. 2- وملك [ عشيرتي ] بني أسد و [ قبيلة ] نزار وملوكهم، وهزم [ قبيلة ] مـ [ ـذـ ] حج القوية, وجا [ء]. 3- يزجي في حبج نجران مدينة [ الملك ] شَمِر ( أو شَمَّر )، ومالك [ قبيلة ] معد و [ موضع ] بنان، و [ أطاع ] بنيه. 4- الشعوب، ووكلهم [ الـ ] فـُـرْسُ [ لمجابهة ] [ ا ] لروم . فلم يبلغ ملك مبلغه. 5- قوةً . هنلك سنت 223 يوم سبعة كسلول ليسعد أولاده. هذا النص مهم جداً من عدة وجوه:
1- من الناحية الباليوغرافية التي تركز على كيفية رسم الحروف وتطورها.
2- من الناحية اللغوية، رأينا كيف يختزل النص الكلمات والحروف، وفيه تقدير وتأخير، وفيه مفردات ميتة، ولكن نلاحظ الجملة السليمة ( فلم يبلغ ملك مبلغه ).
3- من الناحية التاريخية: التاريخ النبطي / 223 / يعادل / 328م / وهو تاريخ وفاة
امرئ القيس اللخمي ملك الحيرة الذي علا شأنه في العرب، واستطاع أن ينتصر على
بني أسد في نجد، ووصل نفوذه إلى نجران جنوباً، وتغلب على أكبر ملك في الجنوب وهو الملك
شمِر. إن مكان وجود الأثر في بلاد الشام الجنوبية يدل على تقدم عسكري هام إذ طغى ملك الحيرة على حدود بلاد الشام. v
كتابة معبد رم: بقع جبل رم على بعد / 40كم / شرقي العقبة، وقد أجرى التنقيب في المعبد
ساﭭيناك و
هورسفيلد ونشرا صورة ومستنسخ النصدون أن يقرأاه، وقد عني الأستاذ
غروهمان في كتابه الأخير سنة / 1971م / بملاحظة تطور حروف النص من الناحية الباليوغرافية، ولم ينشر تفكيك النص كاملاً، وهنا نحاول تفكيك النص دون التقيد بما ذهب إليه
غروهمان:
- الشكل 3 -
تفكيك النص:1-
عليو خُلـَيْصي2-
بر مبارك ؟ 3-
حبيبو عرا أم اللمة سطى وكـ ... تفسير النص:1-
علي [ الـ ] ـخُلـَيْصي2-
بن مبارك؟3-
حبيب عزا؟ أم اللمه سطا وكـ [ ـفأ ]. هذا النص يدل على فضيحة حدثت في المنطقة، أريد به التشهير بفاعلها، وهو
علي الذي ينتسبإلى خُلـَيْص، وهو حصن بين عسفان وقديد في اليمن أو بين مكة والمدينة اعتدى على شرف امرأة أو سطا على شيء ثمين. النص غير مؤرخ، حدد
غروهمان تاريخه بين / 328م / و / 350م / اعتماداً على رأي
ليتمان و
نبيهة عبود. v
كتابة أم الجمال الثانية: - الشكل 4 - تفكيك وتفسير النص:1-
إلهِ غفراً لأثيم ؟ 2-
بن عبيدة كاتب 3-
العبيد أعلى بني 4-
عمري ينم عنه من5-
...... ؟. وجدت هذه الكتابة منقوشة على حجر بازلتي / 62×31سم / في أم الجمال في المبنى الذي يسمى الكنيسة المزدوجة مستعملاً كحجر غشيم، وجد في المنطقة. النص غير مؤرخ، نشره
ليتمان، وقدر تاريخه بالقرن السادس الميلادي، وإذا تأملنا رسم حروفه وخاصة ( الراء ) و ( الدال ) و( الباء ) في أول الكلمة وفي آخرها، وجدنا آثار الخط النبطي المتأخر واضح، بينما النصوص الذي ستأتي بعده ستكون متطورة تماماً، لذا يمكن تأريخه بالقرن الخامس الميلادي أو قبل ذلك بقليل. بالرغم من وجود اسمين علمين،والثاني ذو مرتبة رفيعة، فإننا لم نهتدي بعد إلى هويتهما. v
كتابة زبد: تقع زبد في سورية الشمالية بين قنسرين والفرات، وقد نقشت هذه الكتابة على نحت باب كنيسة مع كتابة يونانية وأخرى سريانية، الكتابة العربية غير مؤرخة، لكن اليونانية مؤرخة من سنة / 823 / بالتقويم السلوقي الذي يعادل / 512م /، وقد تم حفظ الأثر في متحف بروكسل الخمسيني.
- الشكل 5 -
تفكيك النص:
1-
[ بـ ] ـجـ [ ـبـ ] رر الإله شرحو بر ( أو بن ) أمت منفو و هليا بر ( أو بن ) [ ا ] مر [ ئ ] القيس 2-
وشرحو بر ( أو بن ) سعدو وسترو وشـ [ ر ] يحو. هذا الخط بكتابته قريب جداً من الخط العربي المتطور، ولم يبقى من أثر قديم إلا رسم ( الدال ) في كلمة (
سعدو )، وإضافة ( الواو ) في أخر أسماء الأعلام، وحذف الهمزات من كلمة (
امرئ )،وعدم تمييز ( النون ) من ( الراء ) في كلمة ( بر أو بن ). جميع الكتابات العربية القديمة وجدت في جنوبي بلاد الشام ما عدا هذه الكتابة التي وجدت في الشمال، إن هذا يدل بوضوح على عروبة بلاد الشام قبل الإسلام. v
كتابة أسيس: جبل أسيس حرة بركانية واسعة تقع شرق دمشق على بعد / 105كم / على خط مستقيم. أكبر فوهة بركانية قطرها بين / 1.5-2كم / تتشكل فيها بحيرة في موسم الأمطار، ويقوم في الجهة الشرقية قصر بناه
الوليد بن عبد الملك / 70×70م / يجمع إلى جواره عدد من الدور الفقيرة وجامع، وتوضع في سفح الجبل من الناحية الجنوبية حي كبير فيه دور جيدة ودور فقيرة. قامة بعثة ألمانية برئاسة الدكتور
كلاوس بريش بالتنقيب في المباني بين سنتي / 1962- 1964م / وقد جاب مع هذه البعثة الدكتور
محمد أبو الفرج العش ممثلاً عن المديرية العامة الآثار والمتاحف، المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، فوجد منقوشاً على جلاميد الصخر البازلتي عدداً كبيراً من الكتابات الصفوية المحورة من الخط المسند اليمني، ورسوماً حيوانية وإنسانية، وكثيراً من الكتابات العربية من العهد الأموي، بعضها مؤرخ، وكان من ضمن الكتابات الهامة هذه الكتابة، والتي قدر الدكتور أنها تعود إلى ما قبل الإسلام بالرغم أنه لم ينتبه إلى أنها مؤرخة بالتقويم النبطي / 423 / وهو يعادل / 528م /. وقد لفظ نظره إلى التاريخ بعد النشر الأول الأستاذ الدكتور
غروهمان، فأعاد الدكتور
محمد نشرها مع تغييره كلمة ( مُسلَّحَهُ ) حسب توجيهه، ولكن عندما نشر الدكتور
غروهمان الكتابة سنة / 1971م / في الكتاب الذي أشرنا إليه سابقاً تراجع عما أوحاه إلى الدكتور
محمد، وأخطأ في مفهوم النص.