أجمعوا على ثلاثة
د. عائض القرني
طالعت الكتب التي تعتني بمسألة القلق والاضطراب سواء كانت لسلفنا من محدثين وأدباء ومربين ومؤرخين أو لغيرهم و مع النشرات والكتب الشرقية والغربية المترجمة والدوريات والمجلات فوجدت الجميع مجمعين على ثلاثة أسس لمن أراد الشفاء والعافيه وانشراح الصدر , وهي :
الأول :
الاتصال بالله عز وجل , وعبوديته وطاعته واللجوء إليه , وهي مسألة الإيمان الكبرى .
{ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ }
﴿مريم: ٦٥﴾
الثاني :
إغلاق ملف الماضي , بمآسيه ودموعه , وأحزانه
ومصائبه , وآلامه وهمومه , والبدء بحياة جديدة مع
يوم جديد .
الثالث :
ترك المستقبل الغائب , وعدم الاشتغال به والانهماك فيه , وترك التوقعات والانتظارات والتوجسات وإنما العيش في حدود اليوم فحسب .
قال علي : إياكم وطول الأمل , فإنه ينسي .
{ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ }
﴿القصص: ٣٩﴾
إياك وتصديق الأراجيف والشائعات , فإن الله قال عن أعداءه :
{ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ }
﴿المنافقون: ٤﴾
وعرفت أناس من سنوات عديدة , وهم ينتظرون أموراً ومصائب وحوادث وكوارث لم تقع , ولا يزالون يخوفون أنفسهم وغيرهم منها , فسبحان الله ما أنكد عيشهم !!
ومثل هؤلاء كالسجين المعذب عند الصينيين فإنهم يجعلونه تحت أنبوب يقطر على رأسه قطرة من الماء في الدقيقة الواحدة , فيبقى هذا السجين ينتظر كل قطرة ثم يصيبه الجنون ويفقد عقله . وقد وصف الله أهل
النار فقال :
{ لَا يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا }
﴿فاطر: ٣٦﴾
{ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ }
﴿طه: ٧٤﴾
{ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا }
﴿النساء: ٥٦﴾