هيئة كبار العلماء
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
فبناء على الخطاب الوارد لفضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد من معالي وزير العدل رقم(267) وتاريخ 23/3/1393هـ المبني على خطاب سمو نائب وزير الداخلية رقم(26/10612) وتاريخ21/3/1393هـ بخصوص الرغبة في إبداء الحكم الشرعي في(حكم السعي فوق سقف المسعى)ليكون وسيلة من وسائل علاج ازدحام الحجاج أيام الموسم،وبناء على ما رآه فضيلته من إدراج هذا الموضوع في جدول أعمال هيئة كبار العلماء في دورتها الرابعة فقد تم إدراج ذلك، وفي تلك الدورة جرى الاطلاع على أوراق المعاملة المتعلقة بالاستفتاء، كما جرى الاطلاع على البحث المقدم من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، والمعد من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وبعد دراسة المسألة، واستعراض أقوال أهل العلم في حكم الطواف والسعي والرمي راكباً،والصلاة إلى هواء الكعبة أو قاعها، وكذا حكم الطواف فوق أسطحة الحرم وأروقته، وحكمهم بأن من ملك أرضاً ملك أسفلها وأعلاها.
وبعد تداول الرأي والمناقشة انتهى المجلس بالأكثرية إلى الإفتاء بجواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة، بشرط استيعاب ما بين الصفا والمروة،وأن لا يخرج عن مسامتة المسعى عرضاً لما يأتي:
1- لأن حكم أعلى الأرض وأسفلها تابع لحكمها في التملك والاختصاص ونحوهما، فللسعي فوق سقف المسعى حكم السعي على أرضه.
2- لما ذكره أهل العلم من أنه يجوز للحاج والمعتمر أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة راكباً لعذر باتفاق، ولغير عذر على خلاف من بعضهم، فمن يسعى فوق سقف المسعى يشبه من يسعى راكباً بعيراً ونحوه، إذ الكل غير مباشر للأرض في سعيه، وعلى رأي من لا يرى جواز السعي راكباً لغير عذر، فإن ازدحام السعاة في الحج يعتبر عذراً يبرر الجواز.
3- أجمع أهل العلم على أن استقبال ما فوق الكعبة من هواء في الصلاة كاستقبال بنائها، بناء على أن العبرة بالبقعة لا بالبناء، فالسعي فوق سقف المسعى كالسعي على أرضه.
4- اتفق العلماء على أنه يجوز الرمي راكباً وماشياً، واختلفوا في الأفضل منهما، فإذا جاز رمي الجمرات راكباً جاز السعي فوق سقف المسعى، فإن كلاً منهما نسك أدي من غير مباشرة مؤدية للأرض التي أداه عليها، بل السعي فوق السقف أقرب من أداء أي شعيرة من شعائر الحج أو العمرة فوق البعير ونحوه؛لما في البناء من الثبات الذي لا يوجد في المراكب.
5- لأن السعي فوق سقف المسعى لا يخرج عن مسمى السعي بين الصفا والمروة؛ولما في ذلك من التيسير على المسلمين والتخفيف مما هم فيه من الضيق والازدحام، وقد قال الله تعالى:"يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"،وقال تعالى:"وما جعل عليكم في الدين من حرج"[الحج:78]، مع عدم وجود ما ينافيه من كتاب أو سنة،بل إن فيه ما تقدم من المبررات ما يؤيد القول بالجواز عند الحاجة.
وقد ذكر ابن حجر الهيثمي-رحمه الله- رأيه في المسألة: فقال في حاشيته على [الإيضاح] لمحي الدين النووي ص(131)
ولو مشى أو مَرَّ في هواء المسعى فقياس جعلهم هواء المسجد مسجداً، صحة سعيه.اهـ
أما المشائخ: محمد بن حركان، وعبد العزيز بن صالح، وسليمان بن عبيد، وصالح بن لحيدان، وعبد الله بن غديان، وراشد بن خنين-فقد توقفوا في هذه المسألة.
وأما الشيخ محمد الأمين الشنقيطي فيرى عدم جواز ذلك،وله وجهة نظر في المنع مرفقة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.