السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد يظن البعض أن الخجل والحياء مترادفان،أوعلى الأقل متقاربان متشابهان.. وليس هذا بصحيح، فالحياء انقباض النفس عن الرذائل والدنايا، بينما الخجل هو انفعال مركب من الخوف والقلقتحسبا لردة فعل الآخرين، وخوفا من التسبب في الأذى أو الظهوربمظهر غير مناسب.
فالحياء قوة وفطرة سليمة، احترام للنفس ومراقبة لله.. لذا فهو من خصال الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة والحياء شعبةٌ من الإيمان) رواه مسلم.
أما الخجل فهو ضعف، وهيمنة لسلطان البشر.. وآرائهم وردود أفعالهم ومشاعرهم على نفس الإنسان، فيحسب حساب الناس حتى في أخص أموره، بل ربما في أفكاره وأحلامه، يتسلط عليه الناس فيها،يخاف أن يخطيء من وجهة نظر الناس فيحتقروه أو يوبخوه أوينبذوه.
وإذا كان الحياء حياة للقلب، به ترتفع منزلة الإنسان عند ربه وعند الناس،وتستقيم أموره، فهو للمرأة زينتها الحقيقية،وتاج جمالها، وعنوان عفتها.
وإذا كانت الوقاحة ضد الحياء.. فإن الخجل هو أخبث سارق له، وكثيرا ما ضاع حياء الفتاة ليس بسبب جرأتها وإقدامها،وإنما بسبب خجلها، وإليكِ أختي المسلمة هذه الصور من حياتنا والتي يصارع فيها الخجل الحياء:
قهر الخجل
صورة أخرى شائعة من قهر الخجل لبعض الفتيات،حتى يقدمن بسببه على ما يخدش حيائهن، عندما تتعاملالفتاة مع شخص وقح، يرى عليها أمارات التدين والالتزام،ولكنه لا يحترم ذلك فيها، فيمد يده مصافحا..معتمدا على أن خجلها سيدفعها لمصافحتها لما بينهما من قرابة أو زمالة أو نحوها.. فتجد نفسها في حرج كبير، وتمد يدها وتصافحه وهي ترفض هذا، ولكنه الخجل!
وتتكرر هذه الصورة عندما تتحدث المخطوبة إلى خطيبها في الهاتف،فيبدأ في الميل بالحوار إلى مايستنكره حياؤها، ويأباه دينها.. فتخجل أن توقفه، وتخجل أن تخبر والدتها بسلوكه.
الخجل من المجتمع
وكثيرا ما يمنع الفتاة خجلها من المجتمع في أن تطيع حياءها،كأن تكون في محيط يستنكر الحجاب، أو يحط من شأن الزي الواسع الفضفاض، ويطلق ألقاب ساخرة على الفتاة التي ترضي ربها في ملبسها،ويصفنها بالمتشددة أو العجوز.. فتخجل وتستسلم لإملاء المجتمع، وإن كان يسلبها الحياء.
إما خجل أو حياء
إذا واجهك هذا السؤال في حياتك.. فلا تترددي، اختاري الحياء،تلك النعمة الربانية التي وضعها الله في نفوسنا،إنها منحة غالية ولكنها عزيزة، تذهب إذا لم نحافظ عليها.
لا تخافي من تبعات الحياء
فقد قال صلى الله عليه وسلم: (( الحياء لا يأتي إلا بخير )). متفق عليه
قال الحافظ ابن حجر: " كون الحياء خيرًا كله ولا يأتي إلا بخيرفأشكل حمله على العموم؛ لأنه قد يصد صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات ويحمله على الإخلال ببعض الحقوق، والجواب أن المراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيًّا،والحياء الذي ينشأ عنهالإخلال بالحقوق ليس شرعيًّا بل هو عجز ومهانة".
وما يساعدك على هذا هو أن تتذكري نظر الله تعالى قبل نظر المخلوقين، وسمع الله تعالى قبل سمع المخلوقين، وأن قلوب الناس بيد الله يقلبها ويصرفها كيف يشاء.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(من أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عليه الناس )). رواه الترمذي.